ما سبب غزوة تبوك؟

أهلاً ومرحباً بك السائل الكريم، السبب الرئيسيّ المُباشر لغزوة تبوك هو سماع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جَمع الروم لقواتٍ ضخمةٍ في الشام بقيادة عظيمهم القيصر هرقل بنفسه؛ يريدون القضاء على الإسلام بعد تجربتهم السابقة معهم في غزوة مؤتة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بعث له برسولٍ يدعوه إلى الإسلام-؛ لكن هرقل أعرض واستكبر، فقرّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الخروج إليهم، وتجهّز المسلمون لمواجهة الروم.

وكان من عادته -صلى الله عليه وسلم- أن يُوهمَ النّاس بأنّه يُريد غزو منطقة وهو يريد غيرها، ولم يكن يُطلِعُ على وجهته الحقيقية غير كبار الصّحابة وخاصّتهم، وبذلك يُحقّق عنصر المُباغتة لعدوه في جميع غزواته، ولكنّه في هذه الغزوة وضّح وُجهتَه بكل وضوحٍ؛ حتى يُعدَّ الناس العُدّة التي تستحقّها المعركة؛ فالرّحلة طويلةٌ، والعدو قويٌّ جداً، والجوّ حرٌّ.

وتعدّ غزوة تبوك إضافةً إلى أنّها آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلى كونها أكبرَ غزوة من حيث عدد جيش المسلمين؛ فقد بلغ عدد الجيش الإسلامي ثلاثين ألف مقاتلٍ، وهذا أكبر جيش جُمع في عهد النّبي -صلى الله عليه وسلم-.

وهي من أشدّ الغزوات على المسلمين، حيث أنّها جاءت في وقت حرٍّ شديد وجَدْب، والمسافة من المدينة المنورة إلى تبوك طويلة، ولذلك سُمّيت بغزوة العُسرة، وقد افتضح فيها المنافقون، وظهر نِفاقهم جلياً، وأخذوا يُقدّمون الأعذار؛ حتّى لا يشاركوا فيها.

وقد برز في هذه الغزوة دور المال والإنفاق في تجهيز الجيوش، وكان لعثمان بن عفان -رضي الله عنه- اليد الكبرى في ذلك، حيث جهّز ثُلث جيش العسرة بالعتاد والدواب، فقال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما ضَرَّ عثمانُ ما عمل بعدَ اليومِ)، "رواه الترمذي، وحسّنه الألباني".