هل خلق الله الجن للعبادة أيضًا؟

وعليكم السلام ورحمة الله وحياكم الله، وإجابةً على سؤالك فإنّ الله -تعالى- شيئاً عبثاً، فكلٌّ خُلق لحكمة أرادها الله؛ قال -تعالى-: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، "سورة المؤمنون: 115" وإنَّ غاية خلق الجن هي عبادة الله -تعالى- وطاعته؛ استناداً لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ). "سورة الذاريات: 56-57"

والله -تعالى- غنيٌ عن خلقه لا يريد منهم شيء؛ فهو المُهيمن ليس فوقه شيء، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وهو الرزّاق والمُطعم، وقد خلق الله -تعالى- الجن والإنس لغايات بيانها ما يأتي:

1. توحيد الله -تعالى-، والحذر والابتعاد عن كل ما قد يؤدّي إلى الكفر أو الشرك به.
2. إخلاص العبادات والطاعات لله -تبارك وتعالى- وحده.
3. الحرص على التذلّل والخُضوع لله وحده.
4. الإيمان بالأحكام والتشاريع المُنزلة على الرسل.
5. الالتزام والتسليم بكلِّ ما أمر الله -تعالى- به وكل ما نهى عنه.

والجن خلقه الله -تعالى- بطريقة تختلف عن خلق الإنسان؛ فقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الجن من مارجٍ من نار قال -تعالى-: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ)، "سورة الرحمن: 15" والمارج هو شعلة النار السّاطعة شديدة اللهب مُختلطة بسواد النار، وهذا هو السبب الذي منح الجن طبيعتهم الفيزيائية والمادية الخفية، التي تجعل من الصعب على الإنسان تحديد أماكن تواجدهم أو رؤيتهم.

وخلق الجن كان قبل خلق الإنس؛ ودليل ذلك قصة خلق سيدنا آدم -عليه السلام- وتواجد إبليس فيها، إذ إنّ إبليس نفر من الجن؛ قال -تعالى-: (وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا). "سورة الكهف: 50"