هل يجوز بيع الهبة؟

حياك الله السائل الكريم، واعلم أنّ الهِبة إذا قبضها الموهوب له صارت ملكاً له، وله حريّة التصرّف فيها، فيجوز له أن يبيعها أو يفعل بها ما شاء طالما قبضها من الواهب بإذنه، لأنّ الهبة عقد تمليك، ولكن ماذا لو اشترط الواهب على الموهوب له عدم بيع الهبة؟ وإليك توضيح الإجابة على ذلك فيما يأتي:

1. القول الأول: عدم صحّة تعليق الهبة بالشّرط

يرى الكثير مِن أهل العِلم عدم صحّة اشتراط عدم بيع الهبة، فإذا وهب شخصٌ غيره شيئاً واشترط عليه عدم بيعها صحّت الهبة وبطُل الشّرط، لأنّ الهبة عقد تمليك، وللموهوب أن يتصرّف بها كيفما شاء، وشرط عدم بيعها يُنافي المقصود من هذا العقد.

لِذا يقول ابن قدامة: "لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِشَرْطٍ، لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِمُعَيَّنٍ فِي الْحَيَاةِ"، وجاء في كشف القناع: "ولا يصح أيضا شرط ما ينافي مقتضاها؛ أي الهبة نحو اشتراط الواهب على الموهوب أن لا يبيعها"، وفي هذه الحالة تصحّ الهبة وتُصبح ملكاً للموهوب له إذا قبضها، ويُلغى شرط عدم بيعها.

1. القول الثاني: جواز تعليق الهبة بالشّرط

يرى بعض العلماء جواز تعليق الهبة بالشرط؛ كأن يشترط الواهب على الموهوب عدم بيع الهبة، وهو قول بعض الحنفية والحنابلة، واختاره ابن تيمية، وقالوا ليس هناك دليل يمنع من ذلك، فلو تنازلت المرأة عن مهرها لزوجها بشرط أن يحجّ به مثلاً جاز شرطها، فإنْ لم يفعل ذلك لها أن تستردّ مهرها.