ما الحكمة من ألم الولادة؟

حيّاك الله، بدايةً يستحسن بي تذكيرك أنّ المولى -سبحانه- جعل كل شيء في هذه الدنيا لحكمةٍ ما؛ قال -تعالى-: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، [القمر: 49] وهذه الحكمة قد نهتدي إليها بدلالة النصوص القرآنية، أو الأحاديث النبوية، أو بالعقل والتفكير، كما أننا قد لا نهتدي إليها أساساً؛ بطبيعة علمنا البشريّ القاصر؛ فتبقى في علم الله -تعالى- وحده.

أمّا بالنسبة لسؤالك عن الحكمة من ألم الولادة، فأوضح لك ما يأتي:

1. أنّ الله -سبحانه- جعل هذا الدنيا دار ابتلاء واختبار؛ فلا نعيم يدوم فيها ولا شقاء؛ وكل إنسان فيها معرضٌ للألم، سواء أكان مريضاً أو مبتلىً، أو نحو ذلك.
2. أنّ الله -تعالى- يأجر المسلمة على كل هذه الآلام المترتبة على الحمل، والوضع والمخاض؛ في الدنيا والآخرة، بدلالة قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ). [أخرجه البخاري]
3. أنّ آلام الولادة والمخاض منذ بدايتها وحتى انتهائها؛ فيها دلالة على عظمة الله -سبحانه- في خلق هذا الإنسان، وفي تهيئة جسم المرأة لكل هذه المراحل.
4. أنّ الأم لها الفضل والأحقيّة في البرّ جراء ما تلقاء من هذه الآلام؛ فكانت بذلك وصية رسول الله بحسن الصحبة ضعف الأب بثلاث مرات؛ فقد جاء رجل يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ). [أخرجه مسلم]

وختاماً أقول: لعلّ هذه الآلام تكون رادعاً للناس من التهاون في ارتكاب المحظورات؛ كالفاحشة أو قتل النفس أو نحوهما، كما قد يكون ذلك إشعاراً لهذه الأم بعظم مسؤوليتها، وثقل مهمتها تجاه أبنائها؛ من تربية وتنشئة وإصلاح، والله -تعالى- أعلم.