حياك الله، صحيحٌ ما ذكرت من كون خيط العنكبوت يتّصف بالقوة والمتانة، لذلك استخدم القرآن الكريم لفظ (بيت) لا (خيط أو نسيج)، فقال -تعالى- في سورة العنكبوت: (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ)، [العنكبوت:41] وهنا يكمن الإعجاز في وصف البيت بذاته بالضعف، وقد وجد العلماء عدّة حقائق مدهشة بعد الاطّلاع على هذه الآية الكريمة، ومنها:
- الضعف والوهن المادي
إذ من الناحية المادية الملموسة نرى أنّ بيت العنكبوت أضعف بيت، فهو لا يقي من حرارة الشمس، ولا الهواء البارد، ولا الشتاء والرياح، وهذا الوهن في البيت لا في الخيوط، ذلك أنّ خيط العنكبوت من أقوى الخيوط، وهنا تكمن الدقّة في اختيار الألفاظ.
- الضعف والوهن المعنوي
يعدّ بيت العنكبوت من أوهن البيوت من الناحية المعنوية؛ ذلك أنّه يفتقد للرحمة والمودّة التي يقوم على أساسها أي بيت في العالم، فقد وجد العلماء أنّ أنثى العنكبوت تقتل ذكرها وتأكله بعد إتمام عملية الإخصاب لتتغذّى عليه في فترة حضانتها للبيض، وتأكل الأمّ أحياناً صغارها دون رحمة.
وأحياناً تموت الأمّ بعد إخصاب بيضها فيفقس بعد فترة من الزمن، فتخرج منه العناكب الصّغار وتجد نفسها في مكانٍ مزدحم من العناكب، فتبدأ بالتنازع والاقتتال من أجل الطعام والمكان، فيقل الأخ أخته وأخاه الضِّعاف، وتفعل الأخت ذلك، ولا يبقى إلا عدد قليل من العناكب في البيت.
وعندما تكبر هذه العناكب في حال وجود الأم يأكلونها أيضاً دون رحمة، لأنّها أصبحت الأضعف، إلى أن يخرج من هذا البيت بعد فترة الإناث فتبدأ ببناء بيت جديد، وتتكرّر فيه نفس العملية من الإخصاب وأكل الذكر وما ذكرناه، لِذا كان بيت العنكبوت من أوهن البيوت نظراً لأنّه يفتقد لأدنى معاني الترابط والرحمة بين جميع أفراده.