كيف يكون الإيمان بالقدر خيره وشره؟

حياك الله السائل الكريم، وبارك الله فيك، ورزقنا وإياك الإيمان بالقدر خيره وشره، قول اللهُ -سبحانهُ وتعالى-: (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا)، "سورة النساء: 79"، تدل على أنَّ الخيرَ حقيقةً من الله جلَّ شأنهُ وهو المعطاءُ المتفضِّلُ علينا بالنعمِ ظاهرةً وباطنةً دوماً، وأقدارهُ الجميلةُ تحفُّنا دوماً فلهُ الحمدُ والشكرُ سرمداً.

والقضاءُ والقدرهو حصول أمرٍ كانَ في الأزلِ قد كتبهُ اللهُ في اللوح المحفوظ عندهُ، وما أصابنا من سيئةٍ فمن أَنفسنا؛ فقد أوضحَ الحقُ -سبحانهُ وتعالى- لنا طريقَ الطاعةِ حتى نسيرَ عليه، وطريقَ المعصيةِ حتى نتجنَّبَ الوقوعَ فيه.

وإن فعلنا وأخطأنا في حقِّ الله -تعالى- بالمعصية وهي السيئةِ، فقد كان ما فعلناهُ من أنفسنا لأننا عرفنا طريق الخطأ وسلكناه، وعلينا التوبةُ والاستغفارُ عسى الله أن يعفو عنا.

ونحن مأمورون من الله -تعالى- بالإيمانِ بالقدرِ خيرهِ وشرِّه، بل والإيمان الجازم الذي يخلو مطلقاً عن الشك، وهو من مقتضيات الدين الحق، وكيفيةِ الإيمان بالقضاء الذي فيه الخير تحصل بالرضى، والفرح، والسرور بعطاء وهبة اللهُ لكَ.

وعليك أن تكونَ حامداً وشاكراً للهِ -عزوجل- على ما كتبهُ لك من الخير مع أنَّك بذلتَ الأسباب وقد شائت إرادةُ اللهِ لك ذلك، فالله -تعالى- يعلم سعيك وجهدك وبذلك لأسباب تحقيق ما تريد.

واعلم أنَّ ما تراهُ في الظاهرِ شراً فيه الخير العظيم، فهذه حقيقةٌ نغفلُ عنها، ولا يُريدُ الله بنا شراً ولكنه جلَّ في عُلاه علمَ، فشاءَ، فقدَّر، يعلمُ الذي خلقكَ بيديهِ تقصيركَ وركونكَ وتهاونك، فقدَّر لك ما وجدتَ من شرٍ، وعليكَ أن تكون راضياً محتسباً فإنَّ ما يحصل مع الإنسان هو الخير الذي سيحقق له السرور بإذن الله.