كيف كانت ظروف قيام الدولة العباسية؟

حياك الله، قامت الدولة العباسية نتيجة لدعوةٍ أطلقها محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، وتهدف إلى نزع السلطة من يد الأمويين، يسانده جمع من رجالات آل البيت، حيث كانوا يرون أنهم أحق بالخلافة من بني أمية، وقد انطلقت الدعوة بحدود العام 100 للهجرة واستمرت قرابة الثلاثين عاماً، ومرت بمرحلتين: سرية وعلنية.

وقد ساهم في نجاحها نسب العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكثرة الناقمين على بني أمية، حيث كان من عادة الأمويين تقديم العرب على غيرهم بالأمارات والوزارات والولايات، كما ساهم في نجاحها خلاف بني أمية على تولي الخلافة، وكثرة اهتمامهم بالزخارف ومظاهر الترف والتنعم بأموال العامة.

وانتشرت الدعوة العباسية في معظم أركان الدولة، وكان لها ثلاثة مراكز ثقل، هي:

1. الحُميمة

مقر مؤسس الدعوة، وهي منطقة في جنوب الأردن، ولا زالت آثارها قائمة إلى الآن.

1. الكوفة

المدينة العراقية المعروفة.

1. خراسان

حيث كان أكبر تلك المراكز خراسان التي قاد الحراك فيها أبو مسلم الخرساني الذي كان له دور يظاهي دور كبار بني العباس المؤسسين.

وفي أواخر تلك الدعوة تحولت إلى قوة مسلحة بدأت بمواجهة الأمويين، واستطاعت أن تنتصر عليهم في كثير من المعارك، كان آخرها انتصارهم على جيش الخليفة الأموي الأخير -مروان بن محمد- في معركة الزاب سنة 132 للهجرة.

وصاحب ذلك حملات شديدة على كل أمراء بن أمية وأنصارهم، ولذلك لَقّب خليفة العباسيين الأول نفسه بالسفاح، ولم يفلت من أمراء بني أمية سوى عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الذي استطاع أن يصل إلى الأندلس ويؤسّس خلافة لبني أمية استمرت بضعة قرون.

وتولى الخلافة كما أسلفنا عبدالله بن محمد المكنى بأبي العباس والملقب بالسفاح، وقد قضى على كثير من زعماء الدعوة العباسية حتى يستفرد بالسلطة ولا يخرج من بينهم من ينافسه في الحكم، واستمر حكمه مدة أربعة أعوام.

ثم تولى بعده الخلافة أخوه عبدالله الثاني بن محمد المكنى بأبي جعفر والملقب بالمنصور، واستمرت خلافته حوالي العشرين عاما، استتب فيها الأمر لدولة بني العباس، واستمرت الخلافة من بعده لبنيه.

وقد مرت الدولة العباسية بخمسة مراحل؛ كانت المرحلة الأولى هي مرحلة التأسيس والشباب، وهي مرحلة النهوض العلمي، والنمو الاقتصادي، والتوسع الجغرافي، والفتوحات، وفرض هيبة الدولة الإسلامية على بقية دول العالم، حيث كان يتولى السلطة فيها الخلفاء الأقوياء بنفسهم.

ثم تلتها عصور بدأت تتلاشى فيها سلطة الخلفاء وتتزايد فيها سلطة الأمراء واستقلال الولاة وتأسيسهم لدول خاصة بهم، ليصل الأمر في بعض الأحيان إلى عزل وتولية الخلفاء من غير حول منهم ولا قوة، لتنتهي الخلافة بتسليم الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث مقاليد الخلافة للسلطان العثماني سليم الأول سنة 923.