هل يجوز للشخص الواحد أن يحج عن نفسه وعن غيره في نفس المرة؟

وعليكم السلام ورحمة الله، حياك الله أخي الكريم، وأسأل الله أن يعينكم على امتثال طاعته وحجّ بيته، وأن يجعل أعمالكم مقبولة مبرورة، واعلم أنّ أداء مناسك الحج من الفرائض التي تُطلب بالترتيب، فقد اتفّق الفقهاء على أنّه لا يُشترط في النية لفرض الحج تعيين فرضيّته في النية، فلو أطلق النية ولم يكن قد حجّ حِجة الفرض فإنّها تقع عن الفرض باتفاق العلماء.

أمّا الحج عن الغير إذا لم يكن قد حجّ المسلم عن نفسه فلا يجوز، لأنّ الأصل أن يحجّ المسلم عن نفسه ثم يحجّ عن غيره، وذلك لما رواه ابن عباس أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: ‌لبّيك ‌عن ‌شبرمة، قال: (من شُبْرُمة؟ قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حُجّ عن نفسك ثم حُجّ عن شُبرمة). "أخرجه أبو داود، وصححه الألباني"

وقد اتفق العلماء على أنّ الحجّ عن الحي لا يصح بغير طلبه وأمره، كما أنّ في المسألة تفصيل وشروط بين المذاهب، أذكر بعضها على النحو الآتي:

1. الحنفية

تصح عند الحنفية حجة البدل عن غيره ولو لم يكن قد حجَّ عن نفسه، مع الكراهة التحريمية إن كان قد تحقق وجوب الحج عليه، ولا يجوز عندهم الحج عن الميت بغير إذنه إلّا من قبل وارثه.

1. الشافعية والحنابلة

قالوا إنّ من شروط الحج عن الغير أن يكون قد حجّ المسلم عن نفسه أولا، وإن نواها عن غيره فتقع عن نفسه، مستدلين بحديث ابن عباس السابق.

1. المالكية

لم يُجيزوا الحج نيابةً عن الحي، وأجازوها عن الميت بوصيّته، ويُكره عندهم الحج عن غيره قبل أن يحجّ المسلم عن نفسه، على القول بأنّ الحجّ واجب مطلوب على التراخي، وإلّا يُمنع على القول بأنّه على الفور، وهو المعتمد عندهم.