حياك الله السّائل الكريم، وأسأل الله أن يُحَبِّبك إلى عباده الصّالحين، ولا يعني كره النّاس لك أنّ الله -تعالى- غاضبٌ عليك، فهذا ليس شرطاً، وربّما كان ذلك راجعاً إلى عدّة أسباب، وانظر إلى حالك فيها:
- كيف حال أخلاقك وتعاملك مع النّاس؟
ذلك أنّ النّاس يُحبّون مَن يعاملهم بالإحسان، ويكرهون مَن يسيء إليهم، وجميلٌ أن يُراجع كلّ واحدٍ فينا نفسه في تعامله مع غيره كلّ فترة؛ هل هو فظٌّ؟ هل يتدخّل في شؤون غيره؟ هل يُساعدهم ويُحسن إليهم؟ وقد ذكرتَ أنَّكَ لا تحبّ المجاملة، وأنّك حازمٌ في قول ما تقتنع به دائماً، وهذا في الحقيقة لا يدعو إلى الكراهية لك إذا كان في الحقّ.
ولكن انظر لنفسك هل تستخدم هذا الأمر بالحق؟ فالحزم في قول ما نقتنع به إذا كان صحيحاً ليس مبرِّراً أن يظهر للنّاس بأسلوبٍ فظٍّ غليظ، ولعلّ هذا هو السّبب فيما تراه من كره الناس لك، واقرأ معي إن شئت قول الله -تعالى-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، [آل عمران:159] ونصيحتي لك أن تُخاطب النّاس بأسلوبٍ رقيقٍ شفيقٍ امتثالاً لقوله -تعالى-: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). [البقرة:83]
- كيف حال علاقتك مع الله؟
حيث إنّ هذا السؤال بوجهٍ عام فيه جانبٌ من الصحّة لمن كانت علاقته سيئة مع الله، فيُكثر من الذّنوب والمعاصي، ولا يتوب منها، ويمشي في الغيبة والنّميمة، ولا يلتمس رضا الله -تعالى-، وفي هذا يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن التمَس رضا اللهِ بسخَطِ النَّاسِ رضِي اللهُ عنه وأرضى النَّاسَ عنه، ومَن التمَس رضا النَّاسِ بسخَطِ اللهِ سخِط اللهُ عليه وأسخَط عليه النَّاسَ). [أخرجه ابن حبان في صحيحه]
وختاماً أنصحك أخي الكريم بالتقرّب من الصالحين، ومراجعة نفسك باستمرار، فإذا كانت علاقتك مع النّاس حسنة، وتُعاملهم كما يحبّ الله ويرضى، وتحرص على رِضا الله -تعالى- في حياتك فقد يكون رزقك من حبّ النّاس في هذه الفترة قليلاً، وهي مرحلة قد لا تطول -بإذن الله-، وخذْ ما قاله أحد العارفين بالله لك مؤنساً، إذ يقول: "مَتى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الأُنْسِ بهِ".