قرأت قبل أيام مقالًا يتحدث عن الحكمة من تشريع الزكاة والآيات الدالة عليه، وقد ذكر الكاتب أنه أحد أوجه الإعجاز التشريعي في القرآن، وأريد أن أعرف ما وجوه الإعجاز التشريعي في القرآن؟
0
قرأت قبل أيام مقالًا يتحدث عن الحكمة من تشريع الزكاة والآيات الدالة عليه، وقد ذكر الكاتب أنه أحد أوجه الإعجاز التشريعي في القرآن، وأريد أن أعرف ما وجوه الإعجاز التشريعي في القرآن؟
0
0
حياك الله، الإعجاز التّشريعي في القرآن الكريم هو أحد أوجه الإعجاز القرآني، وهو إعجاز القرآن لكافّة النّاس بأن يأتوا بتشريعٍ حكيم شامل واقعي متوازن كالذي جاء به القرآن الكريم. وقد جاء القرآن بتشريعاتٍ ربّانية مُحكَمة في بيئة عربية أُمّية لم تكن تعرف التشريع وسنّ الأنظمة الحاكمة بصورة مُتطوّرة، فأعجزها وأعجز من بعدها أن يأتوا بمثله، وسنعرض فيما يأتي بعض وجوه الإعجاز التشريعيّ في القرآن الكريم:
أولاً: التشريع الجنائي: ويتمثّل بتشريع الأحكام التي تُحافظ على حرمة النّفس الإنسانية وممتلكاتها وعِرضها، ووضع العقوبات الرّادعة، فجمع التشريع الجنائي بين الوقاية والعلاج لمكافحة الجريمة، ومن أمثلة التشريع الجنائي:
قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ). "سورة البقرة: 178"
قال الله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). "سورة النور: 2"
قال الله -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). "سورة المائدة: 38"
قال الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). "سورة المائدة: 90"
ثانياً: التشريع في المعاملات المالية: ويتمثّل بتشريع الأحكام التي تحفظ للنّاس حقوقهم المالية، وتحرّم الاستيلاء عليها بغير وجه حق، ومن أمثلة الإعجاز التشريعي في المعاملات المالية:
لتعدّيه على أموال الناس بالباطل، قال الله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). "سورة البقرة: 175"
لما فيه من تطهير النفس وتربيتها على الإحساس بمعاناة الفقراء، قال الله -تعالى-: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). "سورة الذاريات: 19"
حيث أعطى لكلّ صاحب حقٍّ حقَّه بأنصبةٍ دقيقة، قال الله -تعالى-: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا). "سورة النساء: 6"
ثالثاً: التشريع في العلاقات الاجتماعية: ويتمثّل بتشريع الأحكام التي تُنظّم علاقات الأفراد داخل المجتمع، وتُبيّن حقوق الفرد على الآخرين وواجباته نحوهم، وإرساء مبادئ التعاون والإحسان والمعاملة الطيبة، ومن أمثلة إعجاز التشريع في العلاقات الاجتماعية:
فأعطى الرجل حقّ القَوامة، وأعطى الزوجة حق النفقة، وأعطى الوالدين حق الطاعة والبر، وأعطى الأولاد حق التربية.
كالغيبة والنّميمة، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ). "سورة الحجرات: 12"
والنّاظر في التشريعات الإسلامية يُلاحظ أنّها تُنشئُ فرداً صالحاً، ومُجتمعاً مُتماسِكاً مُتعاوناً على البرِّ والتقوى، ودولةً راعية لحقوق مواطنيها، وأمّة كالشامة بين الأمم، ولم ولن يستطع تشريع بشري أن يقومَ بهذا الدّور على هذا النحو الشامل، ولو اجتمع على ذلك عباقرة التاريخ.
0
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.