عندما أقرأ في كتاب الإمام مالك بن أنس أجد الكلام صعباً للغاية، وربما هذا لأنني مبتدئ في الفقه، ولكن خطر ببالي ربما يكون الإمام من أصول غير عربية، لذلك أريد سؤالكم ما أصل الإمام مالك؟
0
عندما أقرأ في كتاب الإمام مالك بن أنس أجد الكلام صعباً للغاية، وربما هذا لأنني مبتدئ في الفقه، ولكن خطر ببالي ربما يكون الإمام من أصول غير عربية، لذلك أريد سؤالكم ما أصل الإمام مالك؟
0
0
حياك الله، وأسأل الله أن يُغنِيَكَ بالعلم، وإجابةً على سؤالكَ، فإنّ أصول الإمام مالك تعود ضاربةً في أصل العرب، من بني حِمير في اليمن، فهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبُحيّ المدنيّ حَليف بني تيم بن مرّة من قُريش.
حيث بدأت بشائر الخير تتحضّر في قصّته عندما قدّر الله لأبي عامر بن عمرو، جدّ والد الإمام مالك، أنس بن مالك أن يهاجرَ من اليمن إلى المدينة المنورة، في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد غزوة بدر الكبرى، فكان أبو عامر معدوداً في الصّحابة -رضوان الله عليهم-، شهد المغازي كلّها إلا بدراً.
وأمّا جده مالك بن أبي عامر فهو من كبار التّابعين، وقد شارك في مهمّة جليلة عظيمة، حين ساهم في كتابة المصاحف العُثمانية الشريفة، أمّا أبوه أنس، فكان من التّابعين الكرام، وأمّه السيدة عالية بنت شريك الأزدية، ومن هذا الغراس الصالح والبذارالنافع كان هذا الثمر اليانع.
وُلد -رحمه الله- في المدينة المنورة على ساكنها الصلاة والسلام في عام (93) للهجرة، وكانت نشأة الإمام مالك في أعظم بيئة للعلم والورع والدين؛ حيث نهل من مَعين التابعين، في أطهر بقعة على الأرض في المدينة المنورة.
وقد أظهر منذ صغره فهماً ونشاطاً واجتهاداً قلَّ نظيره؛ إذ طلب العلم وهو ابن عشر سنين، وأفتى وهو ابن واحد وعشرين عاماً، وبلغ عدد شيوخه تسعمئة، وكان من أبرزهم: محمّد بن شهاب الزهري، وربيعة الرأي، وهشام بن عروة، ونافع بن أبي نعيم -صاحب القراءة المعروفة-، ومولى ابن عمر -رضي الله عنهما، وغيرهم الكثير.
استدعاه الرشيد يوماً ليُحدّثه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبى، وقال: العلم يُؤتى، فجاءه الرشيد واستند الجدار، فقال له الإمام مالك: يا أمير المؤمنين، إنّ من إجلال الله ورسوله إجلال العلم، فجلس يبن يديه.
كان الإمام مالك أبيضَ الوجه، طويل القامة، أصلع الرأس، يرتدي أحسن الثياب وأفضلها، لا سيّما في مجلس العلم؛ توقيراً لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان رجلا مَهيباً، نبيلاً، ليس في مجلسه شيء من المِراء أو اللَّغط، أو رفع الصوت، وهو مُؤسّس المذهب المالكي الذي تعود نسبته إليه إماماً في الفقه والحفظ ونقد الرجال، وهو حُجّة زمانه.
قال عنه الشافعي: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم"، ويكفي شرفاً خصُّه بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يوشك أن يضرب الرجل أكباد الإبل في طلب العلم، فلا يجد عالما أعلم من عالم أهل المدينة). "أخرجه ابن حبّان في صحيحه"
وأشهر كتبه؛ المُدوّنة في الفقه، والمُؤطّأ في الحديث، أمّا طلّابه فكُثُر، ولعلّ من أشهرهم؛ عبد اللَّه بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وأسد بن فرات بن سنان، توفي -رحمه الله- في الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني، عام 179هـ.
0
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.