كم مدة الوقوف في المحشر؟

حياك الله السائل الكريم، قبل أن أجيبك على تساؤلك لا بدّ أن أوضّح لك أنّ الحشر منه ما سيحصل في الدنيا، ومنه ما سيكون في يوم القيامة عند الحساب، وتوضيح مدّة الوقوف في كلّ منهما فيما يأتي:

1. الحشر في الدنيا

إنّ الحشر في الدنيا سيحصل قبل قيام الساعة، ولم تُبيِّن النصوص الشرعية مدة الوقوف فيه، ولكن ثبت أنّه سيكون في بلاد الشام، حيث تخرج نار من منطقة عدن وتسوق جميع الناس إلى أرض المحشر، وسيُحشر فيها الناس على عدّة طرائق.

ويُبيّن ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يُحْشَرُ النَّاسُ علَى ثَلاثِ طَرائِقَ: راغِبِينَ راهِبِينَ، واثْنانِ علَى بَعِيرٍ، وثَلاثَةٌ علَى بَعِيرٍ، وأَرْبَعَةٌ علَى بَعِيرٍ، وعَشَرَةٌ علَى بَعِيرٍ، ويَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ معهُمْ حَيْثُ قالُوا، وتَبِيتُ معهُمْ حَيْثُ باتُوا، وتُصْبِحُ معهُمْ حَيْثُ أصْبَحُوا، وتُمْسِي معهُمْ حَيْثُ أمْسَوْا). [أخرجه البخاري]

1. الحشر في يوم الحساب

وهذا ما يبيّنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ علَى أرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ، ليسَ فيها عَلَمٌ لأَحَدٍ)، [أخرجه مسلم] وقد ثبت أنّ مدة الوقوف في المحشر يوم القيامة للحساب هو 50 ألف سنة.

ولكن هذه المدّة تختلف بين الناس بحسب مؤمنهم وكافرهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)، [المعارج: 4] فقيل: ما أطوَلَ هذا اليومَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والَّذي نفسي بيدِه إنَّه لَيُخفَّفُ على المُؤمِنِ حتَّى يكونَ أخَفَّ عليه مِن صلاةٍ مكتوبةٍ يُصلِّيها في الدُّنيا). [أخرجه ابن حبان في صحيحه]

ويُبيّن الحديث أنّ مدة الوقوف في المحشر بالنسبة للمؤمن خفيفة، بل هي أخف من وقت أداء صلاة الفريضة، أما كونها 50 ألف سنة فذلك بالنسبة للكفّار والمجرمين، والحكمة من ذلك زيادة تعذيبهم، وجاء في حديث آخر ما ينفي طول تلك المدة عن المؤمنين، وموطن الشاهد فيه: (... يُهوِّنُ ذلكَ على المُؤمِنينَ كتدَلِّي الشَّمسِ لِلغروبِ إلى أنْ تغرُبَ). [أخرجه ابن حبان في صحيحه]