هل كانت عاصمة الدولة العباسية بغداد؟

رفعكم الله بالعلم درجات، ونوّر الله العقول، وبارك بالأفهام. نعم كانت بغداد عاصمة الدولة العباسية، وتُنسب الخلافة العباسيّة إلى عمّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العباس، ومؤسس هذه الدولة هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، المعروف بالسّفاح.

وقد قامت هذه الدولة انتصاراً لفكرة استحقاق بني هاشم للخلافة بعد وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، والتي بدّدها الإسلام، ونصر مبدأ الخلافة بين المسلمين، والتي تكون باختيار المسلمين وتشاورهم، وتولية الأنسب منهم على شؤونهم وإدارة مصالحهم.

وفي بداية مرحلة تأسيس الدولة العباسيّة كانت (الحميمة) في الأردن مركزاً للعمل والتخطيط، وكانت (الكوفة) مركزاً للدعوة، وكانت (خراسان) مكاناً مناسباً لانتشار الدعوة، وكانت وقتها الدولة الأمويّة في ضعف شديد، والدولة العباسيّة في أوج انتشارها.

وجاء إعلان الخلافة العباسيّة على يد عبدالله السفاح في الكوفة، وبويع بها سنة 749م، وكان قد استولى على خراسان والعراق، وقد جرت عدة محاولات للبحث عن عاصمة مناسبة للدولة الجديدة، فوقع الاختيار على بغداد، واتّخذها العباسيون عاصمة لهم لعدة أسباب، نذكر منها:

1. إنّ منطقة (الهاشمية) كانت عاصمة مؤقّتة للدولة العباسيّة، والتي كانت تشكّل خطراً عليها؛ لقربها من مركز التشيع في الكوفة.
2. قرب مدينة بغداد من خراسان مهّد الدولة العباسيّة، وقرّبها من المراكز العربية، وأبعدها عن مراكز الاحتكاك بالبيزنطيين.
3. وقوعها بين نهري دجلة والفرات اللذين يشكّلان خطوط دفاع قوية عن المنطقة.
4. وقوعها في وسط العراق، وقربها من البصرة والموصل، ممّا جعلها مركزاً لتناقل البضائع، وملتقى القوافل البحرية والنهرية.
5. وقوعها على طريق الشام والخليج العربي.
6. طبيعتها السهلة والمفتوحة، حيث اعتاد العرب السكن بمثل هذه الأماكن.

وقد قام أبو جعفر المنصور بتأسيسها وبنائها، وأطلق عليها اسم (دار السلام)، إلّا أنّها اشتهرت باسمها القديم بغداد.