حياكم الله السائل الكريم، وهدانا الله وإياكم إلى صالح الأعمال، فإنّ ما حصل منكما أيّها الفاضل لا يجوز، فيجب على زوجتك أن تتخذ بيتاً غير بيتك بعد انقضاء عدتها حتّى لا تقعا بالإثم، فهي الآن ليست على ذمتك ولا يوجد رابطة زوجية بينكما، وإن كنت تريدها حقاً فعليك أن تراجعها بعقد ومهر جديدين.
وأمّا عن إشهار الطلاق، فبمجرد الحصول على الورقة التي تُثبت ذلك، فهذا يكفي لأن يكون واقعاً مُثبتاً يحق لزوجتك بعدها الزواج بعد انقضاء العدة، ولا يمكن لأحدٍ أن يمنعها من ذلك، وأمّا قبل انقضاء العدة، فالأفضل أن يشهد على ذلك أحداً حتى لا يحرّضه الشيطان على الإنكار، وإن لم يفعل ذلك وطلقها أو أرجعها فيجوز ذلك.
ويُعتبر الطلاق إنهاء لأحكام الزوجية والنكاح، سواء أكان بلفظٍ يدل عليه أم بما يقوم مقامه، فإن صدر من الزوج وهو قاصد ذلك وقع الطلاق، سواء أكان بتوثيقٍ المحكمة أم لا، فإن هذا الأمر شكليّ، قال العلماء: وهذا مهم في إخلاء الزوج من مسؤولياته تجاه من كانت زوجته، وإخلاء للزوجة من مسؤوليات الزواج، ويبيح لها الزواج مرّة أخرى، أمّا عن العدّة فتبدأ منذ وقوع اللفظ أو ما يقوم مقامه.
وأمّا في مسألة الطلاق عبر الهاتف فإنه يقع بلفظٍ أو بورقةٍ مكتوبة، وإن لم يُوثّق في المحكمة أو عند مأذون شرعي، ولكن على الزوج أن ينتبه ألا تكون الزوجة حائضاً أو نفساء؛ لأنّ طلاقها في هذه الحالة حرام شرعاً، فيجب التأكد من أنّها في حالة الطهر.
وفي حال الطلاق الرجعي، تكون عدّة المرأة في بيت زوجها؛ فربما عندما تتجمّل وتتزيّن يراجع الزوج نفسه، فيعيدها إلى ذمته، فإن انقضت العدة فلا يجوز لها البقاء في بيت الزوجة ما لم يراجعها ويردها إلى عصمته؛ فبانقضاء العدة تزول رابطة الزوجية.
يقول -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ). "الطلاق:1" فيجب على المرأة احتساب عدّتها منذ وقوع الطلاق، فإن كانت حاملاً تعتد حتّى تضع حملها، وإن كانت غير ذلك فتعتد بثلاثِ حيضاتٍ، وإن كانت لا تحيض لكبر سنّها فتعتد بثلاثة أشهر.