ما حكم صيام يوم المولد لقضاء صوم قديم؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، باركَ الله فيكِ، وتقبَّل منك الصيامَ، اعلمي أخيتي الفاضلة أنَّ يومَ ميلادِ النبيِّ هو محلُّ خلافٍ بين العلماء وأهلِ السيرِ، وبناءً على ذلك فلا يُعلم إن كان هذا اليوم هو بالفعلِ يومُ ميلادهِ أم لا.

وعلى اعتبار أنَّه بالفعل هو يومُ ميلاده، فهو يومٌ كغيرهِ من الأيامِ، فلا يحرُم فيه ما كانَ مباحًا، وبناءً على ذلك فلا بأس بصيامِ القضاءِ إن صادف ذكرى مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن بشرط أن يكون الصيامَ بنيةِ القضاءِ؛ إذ إنَّ الأعمال بالنياتِ، ودليل ذلك الحديث الصحيح المرويِّ عن عمر بن الخطاب والذي أورده البخاري في صحيحه أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، إنَّ مما هو معلوم لك أنَّ الايام التي فاتتك كنت معذور في إفطارها، ولا يجب قضاؤها على الفور بعد الانتهاء من رمضان؛ لأنّك أفطرت بعذر، فباستطاعتك القضاء في أي يوم من أيام السنة، ما عدا العيدين وأيام التشريق الثلاثة التي تعقب يوم الأضحى.

وأمّا بالنسبة للقضاء في يوم المولد الشريف، فإنّه أمر جائز ولا كراهة أو بدعة في ذلك، بل إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل لماذا يصوم يوم الاثنين؛ أجاب -صلى الله عليه وسلم- بأنّ ذلك يوم ولد فيه وبعث فيه. فعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: (فيه ولدت وفيه أُنزل علي). رواه مسلم.

ولكن يُستحبَّ لك المبادرة بالقضاء استحباباً وليس وجوباً فور الانتهاء من رمضان والعيد؛ إبراءً للذمّة؛ خوفاً من فجاءة الموت، ومسارعة في عمل الصالحات، ولكن إن أفطرت بغير عذر فيجب عليك القضاء فوراً بعد رمضان، ويحرم عليك تأخير القضاء، فإن أخَّرت أثمت، وكلّما زاد التأخير زاد الإثم -والله اعلم-.

هذا وأودُّ التنبيه أن شكر الله -سبحانه- على ميلاد سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعبادة من صلاة، وذكر، وصدقة، وغيره، مستحبّ كما أفتى به شيخ الإسلام الحافظ ابن حجرالعسقلاني -رحمه الله- عندما سُئل عن عمل المولد، فأجاب بالجواز إن كان شُكراً لله وخلا من البدع المحرَّمة.

والعلماء -رحمهم الله- لم يحرِّموا قضاء الصيام إلّا في الأيام التي نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصيام فيها، ألا وهي: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وثلاثة أيام بعد يوم الاضحى؛ وهي التي تُسمَّى بأيام التشريق الثلاثة.