ما حكم الربح إذا كان ضعف ثمن الشراء؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الأصل الشرعي أنه لا يوجد حدٌ لنسبة الربح في التجارة، بل يخضع كل عقدٍ لتراضي الطرفين؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾. "النساء: 29"

دلت الآية على أن التجارة المشروعة قائمةٌ على التراضي بين طرفي العقد، فما دام سعر السلعة واضحاً من البداية فيكون العقد صحيحاً، ويقع على المشتري مسؤولية التثبت والسؤال قبل الاتفاق مع البائع على الشراء.

وثبت عن عروة البارقي رضي الله عنه قال: (أنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي له به شَاةً، فَاشْتَرَى له به شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُما بدِينَارٍ، وجَاءَهُ بدِينَارٍ وشَاةٍ، فَدَعَا له بالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ) "أخرجه البخاري"، والحديث يدل على أن عروة البارقي اشترى الشاة بدينار وباعها بدينارين، وهذا يعني أن نسبة الربح كانت مئة بالمئة.

وثبت أن الزبير بن العوام رضي الله عنه كان قد اشترى غابةً بمئة ألفٍ وسبعين، فباعها ابنه عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما بعد وفاته بألف ألفٍ وستمئة ألف، في قصة طويلة أخرجها البخاري، فدلت على مشروعية الربح بأضعاف رأس المال.

ويتنبه إلى أنه لا يحل للتاجر أن يكذب أو يُدلس في البيع، ولا يطيب له الربح بذلك؛ فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما). "أخرجه البخاري ومسلم"

وبناء على ذلك فليس هنالك حدٌ لنسبة الربح في التجارة ما دام العقد قائماً على التراضي بين الطرفين واجتنب البائع الكذب أو التدليس، ويُستحب للبائع أن يخفف في مقدار ما يأخذه من ربحٍ من عموم الناس؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى). "أخرجه البخاري"