لماذا لم يسلم أبو جهل؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكم الله أخانا الكريم، وبارك الله فيكم على اهتمامكم بدراسة السيرة النبوية الشريفة، أما بالنسبة لاستفسارك بخصوص أبو جهل، وسبب عدم إسلامه رغم رجاحة عقله، وهو الذي كان يسمى بأبي الحكم لحكمته وفطنته، فأرجو أن تعلم الآتي:

1. سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأبي جهل لعدم انتفاعه بهذه الحكمة وهذا العقل؛ فلم يدخل في الدين الحق.
2. كان أبو جهل في الوقت ذاته مقتنعا أشد الاقتناع بصحة هذا الدين، وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- والقصة الآتية التي يرويها ابن هشام في سيرته تجيب عن سؤالك.
3. أبو جهل حاله حال كثير من المشركين المعاندين الذين وصلهم الحق ورسالة الإسلام، وكانت الهداية بين أيديهم، ولكنّهم استكبروا عن قبولها.

يروى أن أبا جهل والأخنس بن شريق وأبا سفيان كانوا يستمعون سرا لتلاوة القرآن الكريم من النبي -صلى الله عليه وسلم-، كل واحد على حدة، ولما اكتشفوا بعضهم تعاهدوا على أن لا يعودوا إلى ذلك، حتى لا يتبعهم الناس، ولكنهم أعادوا الكرة ثلاث مرات، وبعدها سأل الأخنس أبا جهل عن رأيه فيما سمع من محمد --صلى الله عليه وسلم-، فقال:(تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حَتَّى إذَا تَجَاذَيْنَا عَلَى الرَّكْبِ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ السَّمَاءِ، فَمَتَى نُدْرِكُ مِثْلَ هَذِهِ، وَاَللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ).

وهذا يوضح لنا أن أبا جهل لم يسلم بسبب العناد والحسد والعصبية الجاهلية للعشيرة والأقارب، وهذه صفة مذمومة، سبق إليها الشيطان حين لم يسجد لآدم برغم كونه في حضرة الرب -سبحانه وتعالى-؛ فاستحق الطرد من رحمة الله، أعاذنا الله منها وإياكم.