السلام عليكم، عندما أفكر في أنّ والد الرسول مات والرسول لا يزال في بطن أمه جنيناً، يخطر ببالي سؤال هل هذا يعني أنَه مات على غير دين الإسلام وأنه كافر؟ على الرغم من أنّه والد الرسول والسبب في إنجابه، فهل والد الرسول في النار؟
2
السلام عليكم، عندما أفكر في أنّ والد الرسول مات والرسول لا يزال في بطن أمه جنيناً، يخطر ببالي سؤال هل هذا يعني أنَه مات على غير دين الإسلام وأنه كافر؟ على الرغم من أنّه والد الرسول والسبب في إنجابه، فهل والد الرسول في النار؟
2
2
في البداية أخي الكريم نود التوضيح إلى أن مثل هذه الأسئلة فيها نوع من الأذى الذي قد يلحق بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي من التدخل في باب العلم غير النافع، فلا ننصح بكثرة الخوض في ذلك، آملين أن نتتبع طريق الحق ونسلكه، وسائلين الله الثبات في الحياة وعند الممات.
يوجد لدينا في الشريعة الإسلامية مصطلح يُطلق على الذين انقطع عنهم الوحي، وهم أهل الفترة، أو الذين لم تبلغهم دعوة نبي من أنبياء الله -سبحانه-، فهؤلاء اختلف العلماء بحكمهم؛ لاختلاف حالهم، ونبيّن الآراء ونوضّحها فيما يأتي:
أي إنهم معذورون لعدم وصول الدعوة إليهم، مستدلين بقول الله -تعالى- الذي جاء على لسان أهل النار في سورة الملك: (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* قَالُوا بَلَى)" الملك: 8-9"، ووجه الاستدلال في العموم أن ما من قوم إلا وأتاهم نذير.
مستدلين بعموم معنى الآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) "النساء: 48"، فالكفر من الذنوب التي لا تغتفر.
فالذين وصلتهم دعوة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- ولم يؤمنوا، فهؤلاء من أهل النار، والذين لم تصلهم فمسكوت عن أمرهم، فإن شاء الله غفر لهم وإن شاء عذّبهم، فقد كان من أهل الفترة قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من يتبع النصرانية، وكان منهم من يتبع الحنيفيّة، وينتقدون قريش على جاهليتها وشركها.
فإننا لا نجزم بعدم وجود شريعة أو دين على زمان والد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا نجزم ببلوغه الدعوة أو عدمها، والله تعالى أعلم منّا في كلّ ذلك، فنُرجع الأمر إليه سبحانه.
2
0
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اعلم أخي الكريم أنَّ كلَّ من لم تبلغه دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنَّه يُعدُّ من أهلِ الفترة، وقد تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمهم، وفيما يأتي ذكر أقوالهم فيهم:
ودليل القائلينَ بهذا هو قول الله -تعالى-: (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* قَالُوا بَلَى)،[الملك: 8-9] ووجه الدلالةِ من الآيةِ الكريمةِ أنَّ الله أقام الحجةَ على أهلِ النَّار بأن أرسل لهم نذير، فلا حجةَ لهم، بينما أهلُ الفترة لم يأتهم نذير، وهذا بمثابةِ العذرِ لهم.
ودليل القائلين بذلك قول الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)،[النساء: 48] وأهل الفترةِ قد ماتوا على الشركِ الذي لا يغفره الله.
بدليل الحديث الصحيح الذي ذكره الألباني في كتابه صحيح الجامع عن أبي هريرة والأسود بن سريع -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أربعةٌ يحتجون يومَ القيامةِ: رجلٌ أصمُّ لا يسمعُ شيئًا. ورجلٌ أحمقُ، ورجلٌ هرِمٌ، ورجلٌ مات في فترةٍ . فأمَّا الأصمُّ فيقولُ: ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أسمعُ شيئًا. وأمَّا الأحمقُ فيقولُ: ربِّ جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا، والصبيانُ يحْذِفونني بالبَعْرِ. وأمَّا الهَرِمُ فيقولُ: ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أعقلُ شيئًا. وأما الذي مات في الفترةِ فيقولُ: ربِّ ما أتاني لك رسولٌ. فيأخذ مواثيقَهم ليطيعنَه، فيُرْسَلُ إليهم: أنِ ادخلوا النارَ، فمن دخلها كانتْ عليه بردًا و سلامًا، ومن لم يدخلْها سُحِبَ إليها).
وفي الختام أخي الكريم، ليس كلّ من مات قبل الإسلامِ مات على الشركِ، بل هناك من مات على الحنيفيَّة السمحة، وعليك العلم بأنَّه لا فائدةَ مرجوةً من هذا السؤال، بالإضافةِ إلى أنَّ مثل هذه الأسئلة قد تحمل الأذى لرسول الله، ومن هذا الباب فإنِّي أنصحكَ بعدمِ الخوضِ في مثل هذه الأسئلة.
0
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.