حياك الله السائل الكريم، اعلم أخي أنّ المنهج الإسلامي اعتبر ثلاثة مصادر للمعرفة وهي: الوحي، والعقل، والحسّ، وكل واحد من هذه المصادر يكمل المصادر الأخرى، وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبين دور العقل ومكانته، ومن أبرز الأحاديث النبوية التي وردت في ذلك ما يـأتي:
- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: عن النائمِ حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبيِّ حتى يَشِبَّ، وعن المَعْتُوهِ حتى يَعْقِلَ)، "أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب" وهذا الحديث يُبيّن أهمية العقل، وأنه أساس التكليف الشرعي، ويؤكد إحدى وظائف العقل وهي فهم نصوص الوحي، وتدبّرها، والتفكر فيها.
- عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: (إن رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ذكَر فتَّانَيِ القبرِ فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ: أتُرَدُّ علينا عقولُنا يا رسولَ اللهِ ؟ فقال: نَعم كهيئتِكم اليومَ، قال: فبِفيهِ الحجَرُ)، "أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح" وفي هذا الحديث إشارة إلى أهمية العقل؛ فإن المسلم العاقل الذي أعمل عقله بالدنيا، فيكون ثباته عند سؤال القبر كثبات الحجر على الأرض.
- عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا، ولَكن وطِّنوا أنفسَكم، إن أحسنَ النَّاسُ أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا)، "أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب" وفي الحديث ذمٌّ للتقليد، والمراد بالتقليد؛ الحجر على العقل وجمود التفكير.
- عن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ منَّا من تطيَّرَ ولا من تُطيِّرَ لَه أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ لَه أو تَسحَّرَ أو تُسُحِّرَ لَه)، "أورده السيوطي، حسن"، والحديث يدل على تحريم الطِّيَرة، والكهانة، والتنجيم، والشعوذة، والسحر، وكل ما يستعبد عقول الناس ويتلاعب بها.
والأحاديث في مقام العقل كثيرة، ولكن يُنَبَّه إلى أن كثيراً من الأحاديث التي وردت في موضوع العقل ضعيفة أو موضوعة، ولذلك ينبغي التثبت من صحتها قبل الاستشهاد بها في الأبحاث العلمية.