أخي العزيز، أقدّر إيمانك بأنّ الله هو موزع الأرزاق وأنّ بيده خزائن السماوات والأرض يمنّ بها على من يشاء، وصحيح أنّ الكثير من الأغنياء ممّن منّ الله عليهم بالمال الوفير والرزق الكثير، يسيئون للفقراء، إلا أن الكثير منهم يتعاطفون معهم ويخرجون الزكاة إيمانًا منهم بوجوب مساعدتهم وتخفيف ضنك الحياة عليهم، فليس كل الأشخاص سواسية.
عزيزي السائل، ثق بأنّ من اعتزّ بماله ذل، فأنصحك أولاً بأن لا تربط قيمتك بالمال، أنت إنسان مكرّم، ألم يقل الله في كتابه الكريم "ولقد كرّمنا بني آدم"؟ فلِم تجعل من تصرفات الناس الأغنياء السيئة تؤثر على قيمتك وكرامتك؟ إذا كان من أوجدك قد قال لك بأنّه كرّمك، فلا أحد إذاً يجرؤ على التعدّي على هذه الكرامة، إلّا إذا سمحت له أنت بذلك.
ويكون السماح له بأن تنزعج من تصرفاته وتأخذها لشخصك وأنّها بسبب فقرك، مع أنّ تصرفات البعض في الحقيقة لا تمثل إلّا أنفسهم وتضرّ بهم وبسلامهم الداخليّ، وهم سيئون ليس فقط مع الفقراء، بل ستجد أنّهم سيئون مع كل من يتعاملون معه، لأنّ الغرور قد شوّه دواخلهم وران على قلوبهم، فلم تعد الرحمة تجد لها في قلوبهم مكانًا.
ونصيحتي الثانية لك، هي أن تسعى في رزقك وتبحث عنه، فلكلّ منّا رزق مخبّأ في مكانٍ ما، لن يصل إليه إلّا من بحث عنه، وتذكر أنّ الله يهب الطيورَ رزقها، لكنّه لا يضعه لها في العش، فعليها أن تغدو صباحاً بحثاً عن رزقها المكتوب.