من هو الصحابي الذي ارتد مع مسيلمة الكذاب؟

حياك الله السائل الكريم، واسأل الله أن يزيدك حرصاً على تعلّم أمور دينك، ويجب التنبه إلى أنّ مُسيلمة الكذاب لا ينطبق عليه وصف وحكم المنافق ولا يُسمى رأس المنافقين؛ بل هو مرتدٌ ورأس المتردين في زمنه؛ لأنّ المنافق هو الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر، بينما مُسيلمة الكذاب كان يُظهر كفره بادِّعائه النبوّة مع رسول الله، وزعمه أنه يُوحى إليه من الله؛ لذلك فهو مرتد ^[١] .

أما رأس المُنافقين في عهد رسول الله فكان عبد الله بن أبي بن سلول الذي مات في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصلّى رسول الله على جنازته حتى نزل الوحي بنهيهه عن ذلك.

أما الشخص الذي سألت عنه والذي سميته صحابياً فأظنك تقصد؛ "الرجال بن عنفوة"، وقد اشتهر أمر هذا الرجل وذُكر اسمه؛ لأنّه كان ممن وفد مع قوم بني حنيفة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومكث عنده يتعلّم الدين والإيمان، ويتفقه في أحكام الشريعة الإسلامية، وكان صاحب اجتهاد في العبادة حتى مدحه بعض الصحابة من شدّة خشوعه وقراءته للقرآن.

فلما ارتدَّ مسليمة الكذاب أرسل أبو بكر الصديق "الرجال بن عنفوة" إلى بني حنيفة؛ ليُعلمهم وليُبيّن لهم كذب مسليمة، لكنه لما وصل إلى مسيلمة عرض عليه مسليمة المال، ومشاركة نصف ملكه؛ مقابل أن يخرج إلى قومه ويشهد أنه سمع رسول الله يقول أنّه أشرك مسيلمة معه في الأمر ^[٢] .

وفعلاً خرج "الرجال بن عنفوة"، وشهد أمام قومه أنه سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يُقرُّ بنبوّة مسيلمة، فكانت فتنة "الرجال" أعظم من فتنة مسليمة نفسه، لذلك حرص الصحابة على قتله؛ لشدّة ردته، فقُتل في معركة اليمامة.

أود التنبيه إلى أن الصحابي عند العلماء: هو الذي لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤمناً به ومات على ذلك، وبناءً على هذا التعريف فإنّ من لقي رسول الله وآمن به، ثم ارتد عن دينه ومات مُرتداً؛ فإنه لا يُسمى صحابياً ولا يدخل في هذه الفضيلة.