وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، لقد قامت الدولة الإسلامية على مبادئ سامية، تخصُّ هذه الدولة، وتمنحها استقلاليتها عن غيرها من الدول، ومن أهمِّ هذه المبادئ ما يأتي:
- الوحدانية لله
تعتبر الدولة الإسلامية الوحيدة على مرّ التاريخ التي قامت على التوحيد مع هذا التوَّسع والانتشار، حيث إن الدول الأخرى غير موحِّدة، وقد قامت هذه الدولة على أساس وحدانية الله -تعالى-؛ وأنَّه لا شريك له في الملك، ولا شريك له في العبادة، وأنَّه هو المتحكِّم بخلقه، وينبغي الخضوع له، وإجلاله، قال الله -تعالى-: (وَهُوَ اللَّـهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). "سورة القصص:70"
- التحاكم إلى القرآن الكريم والسنَّة
حيث يُؤمن المسلمون أنَّ الله -تعالى- أنزل القرآن على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأمره بالتحاكم إليه، وأمر المسلمين كافّة بالتحاكم إلى هذا القرآن العظيم وما نزل على محمد، وأنَّه لا يوجد لهم تشريع غير هذا القرآن والسُّنَّة، قال الله -تعالى-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). "سورة النساء:65"
- الدعوة إلى الله -تعالى-
وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث يعتبر علماء المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ من أُسس نظام الحكم، وهذا سبب الخيرية لهذه الأمّة.
- مبدأ الشورى
فقد حثَّ الإسلام ولاة أمور المسلمين على مشاورة الرعيَّة، وهذا المبدأ متأصل في جذور الحكم عند المسلمين، وفي تاريخهم منذ عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك من قوله -تعالى-: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)، "سورة آل عمران:159" وقوله -تعالى-: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، "سورة الشورى:38" وقد عمل الخلفاء الراشدون من بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا المبدأ، وعمل به الصالحون من خلفاء المسلمين على مرّ الدهور.
- مبدأ العدل ورفع الظلم عن الناس
وقد جاءت النصوص محذِّرة من خطر الظلم وأضراره على الحاكم والمحكوم، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القصة المشهورة أنه قال: (وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)، أخرجه البخاري عن عائشة، وعلى الحاكم أن يكون مسؤولاً عن رعيته، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ). أخرجه البخاري عن ابن عمر
- مبدأ التوازن في نظرتها إلى الكون والحياة والإنسان
حيث لم تكن الحضارة الإسلامية حضارة علمية أو ماديّة جافّة، بل كانت ممزوجة بالدين والروحانية، فلم تكن مقطوعة الصلة عن مبادئ الله -تعالى-، وفي الوقت نفسه لم تكن الدولة الإسلامية خالية من مظاهر التمدُّن، فقد ترك المسلمون في الأرض إرثاً عظيماً من العلوم الماديّة؛ في الهندسة، والطبّ، والفلك، والرياضيات.
كما تميَّز المسلمون في فنون العمارة والبناء؛ فقد تركوا صروحاً عظيمة من العمران، ما تزال شاهدة حتى اليوم، ومن ذلك على سبيل المثال؛ قبة الصخرة المشرفة في القدس الشريف، وقصر الحمراء في الأندلس، ردّهما الله -تعالى- إلى المسلمين.