حيّاك المولى، ورزقك وإيّانا حج بيت الله الحرام. دعني هنا أن أشير إلى أنواع النسك في الحج؛ وهي: الإفراد والقران والتمتع، ولقد تعددت آراء العلماء في أفضلها؛ وفيما يأتي بيان ذلك:
- أنّ الإفراد أفضل أنواع النّسك؛ وهو مذهب المالكيّة والشافعيّة؛ وذلك لما يأتي:
- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حجّ مفرداً على مذهب المالكيّة والشافعيّة؛ لما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (فأهَلَّ رسولُ اللهِ بحجٍّ، وأهلَّ به ناسٌ معه، وأهلَّ ناسٌ بالعُمْرَةِ والحَجِّ، وأهلَّ ناسٌ بعُمْرَةٍ، وكنتُ فيمَنْ أهَلَّ بالعُمْرَةِ). [أخرجه مسلم]
- أنّ الخلفاء الراشدين أفردوا بالحجّ، وواظبوا عليه من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أنّ القران أفضل أنواع النّسك؛ وهو مذهب الحنفيّة؛ وذلك لما يأتي:
- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حجّ قارناً على مذهب الحنفيّة؛ لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أتاني الليلةَ آتٍ مِن ربِّي عزَّ وجَلَّ، فقال: صَلِّ في هذا الوادي المُبارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةً في حَجَّةٍ). [أخرجه البخاري]
- أنّ القارن عمرته وحجته ميقاتيتان؛ أيّ أنّه يُحرم من ميقاتين، بينما المتمتع فحجته مكيّة.
- أنّ التمتع أفضل أنواع النّسك لمن لم يَسُق الهديّ معه؛ وهو مذهب الحنابلة، وذلك لما يأتي:
- أنّ القرآن الكريم نصّ على التمتع دون الأنساك الأخرى؛ وذلك في قوله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ). [البقرة: 196]
- أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه بالتحوّل إلى التمتع؛ إذ ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه: (حَجَّ مع رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسَلَّم- عامَ ساق الهَدْيَ معه، وقد أهَلُّوا بالحَجِّ مُفْرَدًا، فقال رسولُ اللهِ: أحِلُّوا مِن إحرامِكم، فطُوفوا بالبَيْتِ وبَيْنَ الصَّفا والمَرْوَة، وقَصِّروا، وأقيموا حَلالًا حتى إذا كان يومُ التَّرْوِيَة فأهِلُّوا بالحَجِّ، واجعلوا التي قَدَّمْتُم بها مُتعةً). [متفق عليه]
وختاماً يحسن بي تذكيرك إلى أنّ الإحرام للحج جائز مشروع بالأنساك الثلاثة، كما أنّ تحقق الأجر والثواب يتحصل بها جميعاً؛ على أن يلتزم الحاج بضوابط الحج ليحقق كماله وحسن تمامه.