ما مفهوم التجديد في الشعر العربي؟ وما هي أساليبه؟

أهلاً بك، التجديد في الشعر العربي يعني التخلّص من القواعد الشعريّة القديمة وخلق قواعد وأسس جديدة تتميّز بالابتكار في الأسلوب، والصور، والمفردات، والمعاني، بشرط أن يتماشى مع أصول الذائقة، ولا يُخلّ بقواعد الشعر الضمنيّة، وقد ظهرت حركات تجديد الشعر منذ العصر الجاهلي، لكنّ التجديد الحديث كان جذريًّا على شكل القصيدة وعروضها خلال ستينيات القرن الماضي.

يوجد كذلك العديد من الأساليب التي اعتمدها الشعراء لتجديد الشعر العربي منها ما يأتي:

1. بناء القصيدة على تفعيلةٍ واحدة.
2. تغيير شكل القصيدة من الشعر العمودي إلى الشعر الحر؛ فقد يكون الشطر الشعري كلمة واحدة، والأشطر غير متساوية في عدد الكلمات أو التفعيلات.
3. بناء القصائد غير المُقيّدة بالقافية.
4. الابتعاد عن الألفاظ الغريبة والفصيحة، واستخدام ألفاظ سهلة وقريبة من الواقع، وبعض القصائد استعملت اللهجة العامية، أو كانت كلها مبينة باللهجة العامية، وقد بدأ هذا النوع من الشعر الأندلسي؛ لأنّ كثيرًا من الشعر أصبح غنائيًّا.
5. استخدام الأساليب البلاغية والخيال بكثرةٍ.
6. ظهور أسلوب السخرية والتهكّم بشكلٍ ملحوظ.
7. ظهور الرمزية نتيجة التأثّر بالشعر المُترجم.
8. التجديد في الموضوعات والأغراض وترك تقاليد القصيدة القديمة، مثل وصف الطبيعة، ووصف الهجرة، والحنين، والتخلّي عن الكثير من المواضيع، مثل المدح، والهجاء، والرثاء.
9. ظهور النزعة الإنسانية.
10. ظهور أسلوب تراسل الحواس والتشخيص.
11. إضفاء البعد الفلسفي على القصائد، والتفكير في القضايا الكبرى المحيطة بالإنسان، مثل الموت، والحياة، والهدف من الحياة، والقلق، والحزن.

كان الشاعر منذ العصر الجاهلي مأخوذًا بنظم شعر ممتع ومدهش للسامعين؛ ومرّ الشعر بالكثير من مراحل التجديد فيما يأتي شرح مختصر لها:

1. بدأ الشعراء الصعاليك بالتمرّد على الموضوعات التي كانت سائدة في الشعر؛ فكتبوا مقطوعات شعرية قصيرة متأثرة ببيئتهم، فهم كثيرو الترحال وعلى استعداد دائم للغارات، كما اختلفت نظرتهم للمرأة، فأصبحوا يصفون زوجاتهم عند خوفهم عليهن من الغزوات.
2. ظهرت في صدر الإسلام ملامح تجديد أيضًا؛ لأنّ اهتمام الناس تحوّل إلى الدين، فركّز الشعراء على المعاني والأخلاق الإسلامية، لكنّ الشعراء لم يُغيّروا بنية القصيدة مثلما فعل الصعاليك، فقد كانت بنفس الشكل الجاهلي تبدأ بالوقوف على الأطلال، ثم يبدأ المعنى المقصود.
3. ظهر في العصر الأموي التخصص في الشعر، فأصبح لكل غرض شعري قصائد بأكملها، مثل القصائد السياسية، والغزل العذري، والغزل الحسّي، وكان شكل القصيدة مثل شكل القصيدة الجاهلية والإسلامية.
4. تجدّد في العصر العباسي الشعر بشكلٍ ملحوظ؛ إذ استقلت الأغراض الشعرية، وأصبح كل شاعر مشهورًا بتخصّصه في موضوعٍ معيّن، وحاولوا استبدال المقدمة الطللية بأخرى لوصف الطبيعة وغير ذلك، ومن ناحية العَروض ابتعد الشعراء قليلًا عن الأوزان الثقيلة ذات الإيقاع البطيء، وركزوا على الأوزان المجزوءة والخفيفة.
5. بدأ الشعراء العباسيون بالتحرّر تدريجيًّا من القافية الموحّدة، وبدأ ظهور أنواع قصائد مزدوجة، ومخمسات، ومسمطات.
6. ظهرت معانٍ جديدة للشعر، مثل الفلسفة التي اختصّ بها أبو العلاء المعري، والزهد الذي اختصّ به أبو العتاهية، كما أنّ أبا تمام تمرّد على العمود الشعري، فاتّسم شعره بأنّه شديد التكلّف في المعاني والأساليب البديعية.