كيف سقطت الدولة الأيوبية؟

أهلاً بكم، إن لله تعالى في كونه وخلقه سننٌ لا تُحابي ولا تُجامل أحدًا، ويدوال الله -سبحانه- الحكم بين من ترك هذه السّنن ومن أخذ بها، وقد كان توران شاه من أكبر أسباب سقوط الدولة الأيوبية وقيام دولة المماليك؛ وذلك للأسباب الآتية:

1. غروره بعد انتصاره الكبير على الصليبين، واعتقال قائدهم الملك لويس التاسع ملك فرنسا.
2. تقليله من شأن المماليك ومكانتهم، واستبدال كبار مسؤوليهم ببعض حاشيته الذين جاءوا معه إلى مصر من حصن كيفا.
3. اتهامه شجرة الدر بنهب أموال أبيه، وتهديدها تهديدًا كبيرًا، مُتناسيًا مساعدتها له في حصوله على الملك بعد موت أبيه الملك الصالح.

ونتج عن هذا الغرور والتهور وعدم إدراك الواقع اتفاق شجرة الدر مع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس وغيرهما من المماليك على قتل توران شاه قبل أن يُفكر هو في قتلهم، وقد قتلوه في قصره في السابع والعشرين من محرم عام 648 هـ.

وهكذا انتهت دولة الأيوبين؛ الدولة التي أسّس أعمدتها صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- حينما هزم الفاطميين، وأغلق مؤسساتهم التعليمية، ونشر المذهب السُّني، وطردهم من مصر عام 567 هـ، وبهذا تكون الدولة الأيوبية عاشت 81 عامًا، وقد تعدّت هذه الدولة حدود مصر إلى النوبة والحجاز واليمن والشام وبعض بلاد المغرب العربي.

وجمعت هذه الدولة بين القوة العسكرية والفطنة السياسية، فلم تبدأ بمهاجمة الصليبيين، بل بدأت بعقد عدة معاهدات معهم، مثل: معاهدة صلاح الدين مع الملك بلدوين الرابع عام 576 هـ، ومعاهدته مع ريموند الثالث عام 581 هــ، وهذه المعاهدات بثَّت الفرقة بين الصليبيبن، وساعدت صلاح الدين على التفرُّغ لتوحيد صفوف المسلمين.

وعندما نقض الصليبيون المعاهدات انقضَّ عليهم انقضاض الأسد على فريسته، ومع أنّ تاريخ هذه الدولة ليس كبيرًا من حيث المدة الزمنية؛ لكنه كبيرٌ من حيث العبر والعظات التي تُفيدنا في فهم حاضرنا والتخطيط لمستقبلنا حتى لا نُكرر أخطاء من سبقنا.