إلى من يعود أصل المماليك؟

حياكم الله، إنَّ كلمة "المماليك" تُطلق على الأرِقَّاء الذين كان يأتي بهم الحُكّام المسلمين من البلاد الأخرى، ويقوموا بتربيتهم تربية عسكرية خاصة، تجعل منهم محاربين أشداء وسياسيين محنّكين.

ولا يعود أصل المماليك إلى آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنّ كثيراً من هؤلاء المماليك كانوا من أصول تركية، وشركسية، وألبانية، ورومية، ومغولية، وصقالبة ممن كانوا يؤسَرون في الحروب.

وموطن الأتراك الأصلي يقع في جمهوريات آسيا الوسطى اليوم، وأمّا موطن الشركس فيقع في بلاد القوقاز بجوار البحر الأسود، وأما الصقالبة فكان يُؤتى بهم من شرق أوروبا، وقد ازدهرت أسواق بيع المماليك خاصة في القاهرة والإسكندرية.

وكان الأيوبيون يعملون على تنشئة أولئك المماليك على مبادئ الدين الإسلامي، وتعليمهم القرآن الكريم، وتربيتهم تربية عسكرية صارمة، وكانوا يستفيدون منهم في قيادة الجيوش وسياسة البلاد.

وذكر المؤرخ الكبير محمود شاكر في كتابه "التاريخ الإسلامي"، أن الملك الصالح نجم الدين أيوب استكثر على هؤلاء المماليك الذين نُسبوا إليه لقب "المماليك الصالحية"؛ خوفاً من اجتماع الملوك الأيوبيين عليه خاصة عمّه إسماعيل، وأعطى الملك الصالح سلطة واسعة لممالكيه حتى ضجّ الناس منهم، فاضطّر أن يُبعدهم وبنى لهم قلعة خاصة بجزيرة الروضة.

واتخذ من هذه القلعة مقراً لحكمه، وقد سُموا بالمماليك البحرية نسبةً إلى جزيرة الروضة، وعندما توفي الملك الصالح أثناء قتال الصليبيين، قام فارس الدين أقطاي والظاهر بيبرس بقيادة الممليك وهزيمة الصليبيين، وعندما قَدِم توران شاه وهو ابن الملك الصالح، وولي عهده من بلاد الشام قاد الجيوش بنفسه، واضطّر الملك لويس التاسع إلى طلب الصلح، وانسحب بعدها.

بعد ذلك وقع خلاف بين توران شاه والأمراء المماليك؛ فقتله أقطاي وبيبرس، وصارت السلطة إلى زوجة الملك الصّالح شجرة الدر، فقامت بتعيين عز الدين أيَبك، ثم تنازلت له بعد أن تزوجته، وبذلك بدأت دولة المماليك بالتوسع والظهور.