هل يقبل الله التوبة من نفس الذنب أكثر من مرة؟

حياك الله أخي الكريم، وأسأل الله أن يغفر لك وأن يعينك على تركها، أما عن سؤالك فإنّ الله -عز وجل- يقبل توبة العبد حتى وإن تكرّر ذنبه ووقع فيه أكثر من مرة، وهذا من رحمته على عباده وخلقه.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الله يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَا لَم يُغرْغرِ)، "أخرجه الترمذي، حسن" وقال -عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا تَابَ الله علَيْه). "أخرجه مسلم"

والله -سبحانه وتعالى- يقبل التوبة من عباده الصادقين، الراغبين بالرجوع للطريق المستقيم، الساعين لإصلاح أنفسهم، والنادمين على ما اقترفوه من سيئات، فننصحك أخي السائل بأن لا تقنط من رحمة الله، حتى وإن عدت لنفس الذنب فارجع فوراً وتب لله.

واصْدُق مع ربِّك في ذلك، واعزم على عدم العودة لذلك الذّنب مرة أخرى، قال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). "سورة الزمر: 53"

وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إنْسانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فأتَى راهِبًا فَسَأَلَهُ فقالَ له: هلْ مِن تَوْبَةٍ؟ قالَ: لا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فقالَ له رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذا وكَذا، فأدْرَكَهُ المَوْتُ، فَناءَ بصَدْرِهِ نَحْوَها، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فأوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَقَرَّبِي، وأَوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَباعَدِي، وقالَ: قِيسُوا ما بيْنَهُما، فَوُجِدَ إلى هذِه أقْرَبَ بشِبْرٍ، فَغُفِرَ له). "أخرجه البخاري"

فهذا رجلٌ قتل تسعةً وتسعين نفساً، فجاء لراهبٍ وسأله عن التوبة، فقال له أنْ لا توبة له، فقتله، وذهب بعدها لرجلٍ عالم ليسأله عن التوبة، فقال له إنه يستطيع أن يتوب لله ولا مانع من ذلك، فتاب هذا الرجل قبل أن يموت في الطريق وغفر الله له، ففي هذا الحديث حثٌّ للمذنبين على التوبة والرجوع لله -تعالى- حتى وإن عظم الذنب الذي ارتكبه، فرحمته -تعالى- أعظم.