هل يشعر الميت بي عندما أزور قبره؟

رحم الله صديقتك، وجعلها من أهل الجنة، وبارك الله فيك؛ لحرصك واهتمامك بصديقتك.

أما السؤال فهو مثار اهتمام بين العلماء، وكان للعلماء في هذه المسألة آراء، ونذكر هذه الآراء فيما يأتي:

الرأي الأول: إن الميت لا يسمع شيئا من زيارة الأحياء، ولا يشعر بهذه الزيارة، ولا يحس بشيء منها، واستدلوا بما يأتي:

1. قول الله -تعالى-: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ). "سورة فاطر: 22"
2. قول الله -تعالى-: (فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ). "سورة الروم: 52"

الرأي الثاني: إن الميت يسمع كلام من يزوره في قبره من الناس، ويحس به، ويسمع كل ما يدور حوله، واستدلوا بما يأتي:

1. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ ‌خَفْقَ ‌نِعَالِهِمْ إِذَا انْصَرَفُوا). رواه مسلم في صحيحه
2. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ ‌القَلِيبِ، فَقَالَ: وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَقِيلَ لَهُ: تَدْعُو أَمْوَاتًا؟ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُجِيبُونَ). رواه البخاري في الصحيح، ومعنى القليب؛ هو بئر عند بدر، ألقى المسلمون فيه جثث القتلى من المشركين.

الرأي الثالث: إن سماع الموتى في قبورهم لكلام الأحياء عند زيارتهم لقبورهم أو من دون زيارة للقبر يمكن وقوعها في بعض الأحيان دون بعض، وليس على الدوام، أي قد يسمع الميت بعض ما يقال حوله، وقد لا يسمع من ذلك شيئاً، ويكون ذلك تبعاً لمشيئة الله -تعالى- إن شاء أسمع من يشاء من الكلام لمن يشاء من الموتى، وهذا الرأي الثالث هو الرأي الذي رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.