السلام عليكم ورحمة الله سمعت اليوم على التلفاز من أحد الشيوخ معلومة غريبة وأريد التأكد منها؛ سمعت أن الغيبة ليست كلها محرمة، وأن هناك صوراً منها مباحة، فهل هذا صحيح! وإن كان صحيحاً فما هي الغيبة المباحة؟
0
السلام عليكم ورحمة الله سمعت اليوم على التلفاز من أحد الشيوخ معلومة غريبة وأريد التأكد منها؛ سمعت أن الغيبة ليست كلها محرمة، وأن هناك صوراً منها مباحة، فهل هذا صحيح! وإن كان صحيحاً فما هي الغيبة المباحة؟
0
0
وعليكم السلام ورحمة الله، يقول الله -سبحانهُ وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ). "سورة الحجرات:12"
بيّنت الآية الكريمة أنَّ اللهُ -عز وجلّ- أمر المسلمَ أمراً ابتدأه بالتَّدريج، فذكرَ أنَّ على المسلم الابتعادَ عن سوء الظنِّ؛ وهو توقّعُ فعلِ أخيه المسلمِ دونَ أن ينطقَ به أو يفعلهُ، وهذا ظلمٌ لأخيه المسلم لا يجوزُ.
ويحرمُ في نصِّ هذهِ الآيةِ التجسسُ بالاستماعِ أو غيره، ثمَّ ذكرَ الله -تعالى- الغيبةَ في صورةٍ قاسيةٍ لكي يدركَ المسلمُ عظيمَ الذَّنب الذي يقترفه إذا تحدّثَ فيما يكره أخاه المسلم أن يذكره النَّاس فيه، وأن يتكلَّم فيه لأحدهم، ونعوذ باللهِ من ذلك، فليحذر المسلم من الغيبة فإنَّها تأكل الحسنات كما تأكلُ النَّار الزَّرع.
أمَّا عن سؤالك فيما اذا كانت الغيبة مباحةً أم لا؟ فاعلم أنَّ من الغيبة ما هو مباحٌ في حالات محدّدة وبضوابط معيّنة فقط، وقد ذكرها الإمامُ الشافعيُّ في كتابِ التَّدريب في الفقه الشَّافعيِّ، وهيَ:
وهو أن يشكو المظلوم على من ظلمه لصاحب الشَّأن الذي قد يكون له القدرة في حلِّ المشكلة التي يعاني منها، أو له قدرة إنفاذ رأيه على الظالم الذي أخطأ في حقِّ أخيه، فإن جاء المظلوم ووصف الحالة التي مرَّ بها وما حصل؛ فيجوز ذلك بشرط عدم المبالغة بالوصف أو التجريح أو القدح على أن يكون منصفاً.
أي أن تشكو حاجةً وضعفاً وامتهاناً حصل لك من شخصٍ أخذ حقّا لك، فطلبت منهُ أن يعينك على استرجاعه إمَّا ماديّاً بأن يعيد لكَ حقَّك بالقوَّة، أو معنويّاً بأن يستطيع أن يقنع الظالم المخطئ بالحجَّة والبرهانِ، دون أن تتكلم فيما يُسيء ويشين من الصِّفات السيِّئة.
وهو أن تذهب إلى المفتي فتذكر لهُ ما حصل معك وتصف له الموقف كاملاً بتفاصيله، وذلك من أجل أن تعرف الحلال والحرام.
وهو أن تذكرَ لشخصٍ ما أن ينتبه فلا يُخالط كاذباً أو سارقاً أو غشاشاً، فتذكر اسمه وتصف خطئه وفعله وما حصل بينك وبينه حتى لا يقع الآخر بما وقعتَ به، فلا يأمنهُ ويحذر منه.
إن علمت صاحب معصيةٍ أو كبيرةٍ لا يُبالي أن يعلم الناس ماذا يفعل وما يقول، وذكرت لمن تعرف أنَّ هذا مثلاً يتعاطى المخدرات، فإنَّ ذلك جائزٌ خوفا عليه من الوقوع في المعصية أو يوقع غيره فيها.
كقولك أعرج دون أن تقصد التنقيص؛ أي أن تحتاج أن تصف شخصاً ما بوصفٍ للتعريف به؛ كأن تقول: جاري الأعرج أو الأعمى مثلاً، من غير أن يكون قصدك الاستهزاء والهمز أو اللمز.
وذكر العلماء أيضاً جواز ذلك عند تقدّم أحد ما إلى خطبة فتاة، فيذهب أهلها للسؤال عن الشاب، فيتحدّث المستشار عنه وعن صفاته بصراحة وأمانة؛ وهذا جائز لأن المستشار مؤتمن.
0
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.