ما معنى نبئ النبي باقرأ وأرسل بالمدثر؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أتمنى لك النجاح -يا طالب المدرسة- والحمد لله أنه ما زال طلاب المدارس يقرؤون ويسألون، وأتمنى لك التفوق والنجاح، والجواب على سؤالك:

هذه العبارة من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، حيث قال في سياق تعريفه بالرسول -صلى الله عليه وسلم-: "وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون، نبيا رسولا. ‌نُبّئ باقرأ، ‌وأرسل ‌بالمدثر" ^[١] .

ومعنى هذه العبارة؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصبح نبيا عندما نزلت عليه سورة (اقرأ)؛ أي سورة العلق، وأصبح رسولا بعدما نزلت عليه سورة المدثر.

وهذا يعني أن الشيخ يفرّق بين النبي والرسول، ويرى أن الفرق بينهما هو أن النبي هو من نزل عليه الوحي، ولم يؤمر بالتبليغ، وإنما ينزل عليه الوحي يعلمه أشياء دون أن يأمره ببلاغها للناس، وهذا ما جرى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بداية الأمر.

حيث علّمه سورة اقرأ بعد نزول الوحي على الرسول في الغار؛ فأصبح الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بهذه السورة من الأنبياء، ثم فتر الوحي، وأبطأ قليلا، فنزلت سورة المدثر تأمره بالبلاغ؛ فأصبح بعد نزول سورة المدثر رسولا.

وقد روى الصحابي الجليل جابر بن عبدالله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثُمَّ ‌فَتَرَ ‌الْوَحْيُ عَنِّي فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجُثِثْتُ مِنْهُ فَرَقًا حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: " الرُّجْزُ: الْأَوْثَانُ - ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ بَعْدُ، وَتَتَابَعَ)، رواه مسلم في الصحيح وأحمد واللفظ له.