وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيك وزادك حباً لنبيك محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، فإنما يزيد الحب بالتعايش والمعرفة، واستخلاص المعاني والاستفادة منها فى واقع حياتنا.
فإنّه كما أشرت أنّ والدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آمنة بنت وهب ماتت عنه وهو صغير في العمر، وأصبح يتيم الأب والأم في سنّ مبكرة، إذ إن والده عبد الله بن عبد المطلب توفّي وهو جنين في بطن أمه، ودُفن في المدينة المنورة حيث أخواله بني النجار.
ولمّا بلغ محمّد -عليه الصلاة والسلام- من العمر ستّ سنوات قررت أمه اصطحابه لزيارة قبر زوجها في المدينة المنورة، واصطحبت معها أم أيمن ( بركة)، وكان معهما بعيرين الأول لآمنة وابنها محمد، والآخر لأم أيمن.
أقامت آمنة بنت وهب مع ابنها محمد في دار النابغة حيث قبر زوجها، وحيث أخواله من بني النجار، وأقامت عندهم شهراً كاملاً، وبعد ذلك قررت العودة بابنها إلى مكة المكرمة.
وفي طريق عودتها وصلت إلى مكان بين مكة المكرمة والمدينة المنورة يقال له الأبواء، وهناك أصيبت آمنة بنت وهب بالحمى الشديدة، وكانت حرارة الجو عالية، فلم تحتمل آمنة عناء السفر مع عناء المرض فتوفّيت هناك أمام ناظري النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودفنت في الأبواء.
قامت أم أيمن -رضي الله عنها- باحتضان محمد -عليه الصلاة والسلام- وعادت به حيث جده عبد المطلب وأعمامه في مكة المكرمة، ورجعت أم أيمن بالبعيرين تركب أحدهما وتقود الآخر، فنالت أم أيمن شرف حضانة النبي -صلى الله عليه وسلم- والعطف عليه، وكانت تحبه حباً شديداً.
ومما يُذكر في كتب السيرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- روى لأصحابه تفاصيل رحلته مع أمه وتذكّره لما حدث معه، كما أنه مرّ بقبرها في عمرة الحديبية وبكا وأبكى أصحابه معه من شدة حنينه.