حياك الله السائل الكريم، وصحيحٌ ما نصحته به، إذ إنّ حكم البيع بعد نداء الجمعة الثاني مُحرّم على المخاطبين بصلاة الجمعة والمكلّفين بها، بدليل قول الله -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ). [الجمعة:9]
حيث إنّ قوله -سبحانه-: (وَذَرُوا الْبَيْعَ) يدلّ دلالةً صريحة على ذلك، ومعنى ذروا أي اتركوا، والأمر هنا يدلّ على الوجوب، وقد نَقل الإجماع على ذلك عدّة علماء، ومنهم: ابن حزم، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من العلماء، أما كون البيع منعقداً بعد النداء الثاني أم لا ففيه قولان، وهما:
- مذهب الحنفية والشافعية وعامّة أهل العلم
ذهبوا إلى انعقاد عقد البيع مع حرمته وحصول الإثم، لأنّ النهي في الآية الكريمة ليس عن البيع لذاته بل لوقته، والنهي هنا لا يمنع صحة العقد لأنه لا يختصّ بالعقد.
- مذهب المالكية والحنابلة وبعض العلماء
ذهبوا إلى عدم انعقاد عقد البيع وبطلانه؛ لأنّ النهي يقتضي فساده، وقد نهى الله عن هذا العقد لأجل العبادة، فاقتضى ذلك عدم صحّته إن تمّ في ذلك في الوقت، خاصّة وأنّه يشغل الناس عن الصلاة.