هل تختلف الأشهر الهجرية من بلد لآخر؟

أخي الكريم، مسألتك من المسائل المثيرة لاهتمام الناس، لا سيما المهاجرين منهم، وهذه المسألة تسمى مسألة اختلاف المطالع، والجواب كما يأتي:

الصحيح أنّ الشهر يختلف من بلد إلى بلد؛ بسبب اختلاف المطالع، وهو أن القمر يظهر أو يتولد في بلاد الشرق أولًا، وإذا ظهر في بلاد الشرق، فلا بدّ وأن يظهر في الغرب.

ولكن أحيانا يتولد الهلال قبل غروب الشمس بدقائق، ثم يغيب، فلا يظهر في الشرق، ويمكن أن يظهر في الغرب، لأنه يكبر في هذه الفترة، ثم يظهر في الغرب بعد الغروب، وهذا الكلام مثبت في العلم الحديث.

ولكن هذا الشيء ينطبق على البلدان المتباعدة، مثلًا كبعد الأردن أو مصر عن أمريكا، وليس كالأردن وفلسطين، أو تونس والمغرب.

وهذا مذهب الشافعية، قال النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين: "إذا ‌رُئِي ‌هلال ‌رمضان ‌في ‌بلد، ولم يُر في الآخر، فإن تقارب البلدان، فحكمها حكم البلد الواحد، وإن تباعدا، فوجهان. أصحّهما: لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر".

ويرى بعض العلماء وإن كانت البلدان متجاورة وعلى خط واحد من حيث جهة الغرب والشرق، كالأردن والعراق، أو فلسطين ولبنان، ولا يمكن من ناحية فلكية أن يكون الهلال تولد في بلد دون بلد، ولكن رآه أهل بلد واعتمدوه، ولم يره أهل البلد الآخر ولم يعتمدوه، فلكل بلد ما اعتمدوه، ولا يلزم أهل البلد المجاور أن يقلدوا أهل البلد الذين رأوا الهلال.

والأحسن أن يقلدوهم، ولكن لا يجب، لأن ابن عباس خالف معاوية وأهل الشام الذين رأوه قبل الحجاز بيوم، فلما سئل، قال: (فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي ‌بِرُؤْيَةِ ‌مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا). رواه مسلم في الصحيح

وقال ابن عبد البر معلّقا على الحديث في التمهيد: "إن النظر يدل عليه، لأن الناس لا يكلفون علم ما غاب عنهم في غير بلدهم، ولو كلفوا ذلك، لضاق عليهم".

وعليه ربما يكون الاختلاف يوم وقد لا يكون اختلاف، خاصة بعد تقدم العلم، واعتماد المطالع الفلكية بدل الاعتماد على الرؤيا والمشاهدة فى معظم دول العالم.

والله تعالى أعلم.