كنت أقرأ في سورة التوبة، ولفتني قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا) في الآية 97، فما سبب نزول هذه الآية؟
2
كنت أقرأ في سورة التوبة، ولفتني قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا) في الآية 97، فما سبب نزول هذه الآية؟
2
2
أهلاً وسهلاً أخي الكريم، معنى كلمة الأعراب بدايةً: هم أهل البادية من البدو، والمقصود بالأعراب في الآية: هم المنافقون من أهل البادية، وسبب نزول الآية أنها نزلت حتى تفضح بعض المنافقين من القبائل العربية، من أهل البادية من حول المدينة المنورة، وبعض القبائل العربية كأسد، وغطفان، وتميم؛ بسبب عداوتهم للمسلمين وبغضهم لدين الله -تعالى-.
ولأنهم يفعلون المؤامرات والمكائد بالمسلمين، ويتحججون بالأعذار الواهية والكاذبة عند خروج المسلمين للجهاد، ويعتبرون ما ينفقونه من الصدقات والزكاة مخسراً عظيماً، بل اعتبرها بعضهم جزيةً وجبايةً، وهم أبعد ما يكونون عن تعاليم الدين لبعدهم عن المدينة، ولحرصهم على أن لا يتعلموا أحكام دين الله -تعالى-، وما أنزله من الآيات والأوامر والنواهي.
وهذا مصداقاً لقول الله -تعالى-: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). "التوبة: 97-98"
ومعنى الآيات أن في الأعراب كفاراً ومنافقين ومؤمنين، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد، وأجدر وأحرى ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، ولأن فيهم صفة الجفاء والغلظة في الطباع؛ فالله عليمٌ بأحوال قلوب العباد اللينة من القاسية.
وكذلك يعلم مَن القلوب التي تستحق تعلم الإيمان والعلم من غيرها؛ التي يمنع عنها هذا العلم، وهو حكيمٌ في توزيع العلم والجهل، أو الإيمان والكفر، والنفاق بين عباده، فلا يسأل عما يفعل لحكمته وعلمته.
وبعض المنافقين من أهل البادية اعتبر ما ينفق من الصدقات والزكاة غرامةً، ويضمر في نفسه تمني الشر للمسلمين، ووقوعهم في المكائد والمصائب، لكنَّ هذا الشر والسوء سيعود عليهم ويصيبهم.
وتدر الإشارة إلى أن ليس كل الأعراب من البدو منافقين؛ فقد أخبرنا الله -تعالى- أنَّ منهم من استجاب وآمن حق الإيمان بالله -تعالى-، وبرسوله، وباليوم الآخر، ويتقربون إلى الله -تعالى- بالطاعات والصدقات، ويحرصون على نيل رضوان الله -تعالى- وغفرانه.
وذلك في قول ربنا -تبارك وتعالَى-، حيث قال: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). "التوبة: 99"
2
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.