ما حكم الحلف على المصحف لفعل شيء مع عدم تنفيذه؟

حيَّاكِ الله، بدايةً أودّ الإشارة إلى حكم الحلف على المصحف؛ فالأصل أنّ الحلف لا يكون إلا بالله -تعالى- أو بصفاته، والحلفان على المصحف من الأمور التي ظهرت بعد عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد أُجيزت للتشديد في أمر اليمين، وليشعر الحالف بعظم الأمر الذي يفعله.

وحلفانك في مثلِ الأمر الذي ذكرتِه لا داعي له؛ فالعزم على الدراسة يحتاج إصراراً وعزيمةً واستعانة بالله على ذلك، والتوجّه إليه بالدعاء بأن يُعينك على أمر الدراسة، وأمّا حكم اليمين الذي حلفتِه على المصحف، ولم تُنفّذيه فهو يمين مُنعقد، أي أنّه مُؤكّد لا ريب فيه، وبعدم تنفيذ هذا الحلفان قد حنثتِ في اليمين، وتجب عليك بذلك كفارة اليمين، وهي ما يأتي:

1. إطعام عشرة مساكين أو كسوتِهم.
2. تحرير رقبة.
3. إن لم تستطيعي فعليك بصيام ثلاثة أيام.

وتجدر الإشارة إلى ضرورة التوبة النصوح لله -تعالى- على حنثك في اليمين، فالنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد أمر بإتيان اليمين وإبراره، وعدم الحنث فيه، كما حثّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على إبرار المُقسم، حيث قال ابن قدامة -رحمه الله- "أنّ هذا الفعل قد ثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما أبرّ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه - في يمينه".

وعليك أن تعلمي أنّ الكفارة تكون على الحانث، وقال ابن قدامة: "فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَلُ، أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، فَأَحْنَثَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ، هكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ هُوَ الْحَانِثُ، فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ لِمَا يُحْنِثُهُ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ إمَّا الْيَمِينُ، وَإِمَّا الْحِنْثُ، أَوْ هُمَا، وَأَيُّ ذَلِكَ قُدِّرَ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِفِ".