حياك الله السائل الكريم، واعلم في البداية أنّ الفقهاء قد تعدّدت آراؤهم في حكم الوضوء بعد أكل لحم الإبل، فقال جمهور الفقهاء بأنّ لحم الإبل لا يُنقض الوضوء، لِذا لا يجب الوضوء بعده، أمّا الحنفية فقالوا بوجوب الوضوء بعد أكله؛ لأنّه ناقضٌ للوضوء، أمّا الحكمة من الوضوء بعد أكل لحم الإبل عند مَن قال بوجوبه أو استحبابه فتوضيحها فيما يأتي:
- قيل: أمرٌ تعبُّدي لا تُعرف علّته
ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ حكم الوضوء من لحم الإبل تعبُّدي لا تُعلم علّته، والواجب على المسلم أن يُسلّم لِما أمر الله -تعالى- به وإن لم يعلم الحِكمة من ذلك.
- قيل: لأنّ في الإبل قوة أو طبيعة شيطانية
تلمّس ابن تيمية -رحمه الله- الحكمة من الوضوء بعد أكل لحم الإبل، فقال إنّ الإبل فيها قوة شيطانية، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- باستحباب الوضوء بعد الغضب؛ لأنّ الغضب من الشيطان.
ثمّ قال ابن تيمية عن أكل لحم الإبل: "... فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأَكْل لحمها يورث قوة شيطانية، تزول بما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الوضوء من لحمها".
- قيل أيضاً: لأنّ لحم الإبل له تأثير على الأعصاب
ذهب بعض أهل العلم والمختصّين إلى القول بأنّ لحم الإبل يؤثّر على الأعصاب ويُهيّجها، والوضوء يُبرِّد الشعور بذلك ويُسكّن الأعصاب، ويدلّ على ذلك أمْر النبي الكريم بالوضوء عند الغضب حتى يُسكّنه.
هذا والله -تعالى- أعلم، ولا حرج في تلمّس الحكمة من مشروعية أحكام الله -سبحانه- للاستئناس بها أو لزيادة الإيمان، ولكن على المسلم أن يعلم بأنّ أوامر الله -سبحانه- ما شُرِعت إلا لخيرٍ عظيم، فيُسلّم لِما قضاه الله وإن لم يعلم الحِكمة منه.