كم بلغ عدد قتلى يوم بعاث؟

أهلاً بك، في الحقيقة بحثت كثيراً في كتب السّير والتاريخ، ولم اقف على نصِّ عندهم يذكرون فيه رقماً محدداً لقتلى هذه الوقعة، سوى ما ذكره ابن كثير في صفحات كتاب البداية والنهاية حين قال: (يوم بعاث: وقعة عظيمة، قُتل فيها خلق من أشراف الأوس والخزرج وكبرائهم، ولم يبق من ‌شيوخهم إلا القليل) ^[١] ، ولكن من تتبّع الأحداث يتضح أنّ عدد القتلى لم يكن قليلاً.

‌لقد كانت الحروب مستعرة بين الأوس والخزرج ‌في الجاهلية قبل الإسلام، والتي ذكر أهل التاريخ أنَّها استمرَّت أكثر من 120 سنة، يقتل بعضهم بعضاً، يحرقون النخيل ويهدمون الديار ويخربون العمران، وكان آخر هذه الحروب حرب حاطب وحروب الفجّار التي انتهت بيوم بُعاث قبل الهجرة بخمس سنوات.

وبُعاث: منطقة في يثرب لبني قريظة، وفيها ‌اقتتلت الأوس والخزرج، وكان الظفر فيها يومئذ للأوس على الخزرج، بعد أن جدَّد يهود بني قريظة والنضير العهد مع الأوس على المناصرة والعون، وكان رئيس الأوس يومئذ حُضير بن سماك الأشهلي، أبو أسيد بن حضير الصحابي -رضي الله عنه-، ورئيس الخزرج عَمرو بن النعمان البياضي، فقُتلا جميعاً.

ثمَّ تصالح الطرفان بعد أن أنهكتهم الحرب، واجتمعوا على تولية عبد الله بن أبي ابن سلول زعامة يثرب وقيادتها، وقد فاتته هذه الرياسة بعد أن وقعت بيعة العقبة الثانية، وهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، ما دفع ابن سلول إلى التحوّل للنفاق حسرةً على ضياع الملك والجاه.

ومما ورد في السنن عن هذا اليوم عن ‌عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان ‌يوم ‌بعاث يوما قدَّمه الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقدِم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، فقدَّمه الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في دخولهم في الإسلام) أخرجه البخاري.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.