هل صلة الرحم تشمل جميع النساء الأقارب؟

حياك الله السائل الكريم، اعلمي أختي الكريمة أنّ صلة الرحم أمرٌ عام، وأمر الله -تعالى- به النساء والرجال، وهو ليس أمر مختص بالرجال فقط، يقوال الله -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)، "محمد:22" فربط الله -تبارك وتعالى- فساد الأرض بقطع الأرحام، وفي هذا دلالة على عظيم صلة الرحم.

والأرحام الذين تجب صِلَتهم؛ هم الأقارب من النّسب من جهة الأم والأب، وأخصّهم الأمهات والآباء وإن علوا بمعنى الأجداد، والأولاد وأولادهم، وإن نزلوا بمعنى أولاد الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم، والأعمام والعمّات وأولادهم، فقد ثبت (أنّ رَجُلاً قال: يا رَسُولَ اللهِ مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ). "اخرجه مسلم"

ومعنى أدناك في الحديث؛ الأقرب فالأقرب من الأقارب، وأمّا عن حدود صلة الرحم وإلى أين تنتهي، فالصحيح أنّ الشرع الحنيف لم يأتِ بنص يُحدّدها لا في القرآن الكريم ولا في السنة المُطهّرة، وإنّما ترك تقديرها للعُرف، وما تعارف عليه الناس أنّه رحم وتجب صلته فقد وجبت.

ويختلف هذا من دولةٍ لأخرى ومن زمنٍ لآخر، ويقول الإمام النووي في صلة الرحم -رحمه الله-: "صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارةً تكون بالمال، وتارةً تكون بالخدمة، وتارةً تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك".

وللصِّلة مراتب، أقلّها أن لا يُهجرَ، فيصل ولو بالسلام، ولو وصل المسلم بعض الصلة لا يُسمّى قاطعاً، موازناً في ذلك بين واجباته وما يَقدر عليه، دون أن يُلحق المشقّة في نفسه، فلا تمنعنكم المجاملات وعادات الناس في التفاخر بالتهادي والتكّلف فيها من صلة الأرحام، فتكونن من القاطعين المُخاصمين -والعياذ بالله-.