هل تعلم الرسول القراءة والكتابة؟

أهلاً ومرحباً بك، تعدّ مسألة أميّة النبي -صلى الله عليه وسلم- من المسائل التي كثرت فيها الآراء بين الإثبات والنفي؛ فقد اتفق أهل العلم على أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أميّاً بالمعنى الحقيقي؛ أيّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة؛ منذ بداية العهد المكيّ إلى نهايته، وأمّا فيما يتعلق بالفترة التي تلي ذلك وحتى نهاية حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد تعددت الآراء فيها على النحو الآتي:

1. أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- تعلّم القراءة والكتابة

وبهذا قال الشعبي ومن وافقه؛ مستدلين بما ثبت في صحيح البخاري؛ من قصة الوثيقة التي كانت بين المسلمين وقريش في صلح الحديبية؛ حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب أن يكتب: (هذَا مَا قَاضَىَ عَلَيْهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ؛ فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ).

عندها أمر النبي علياً أن يمحها فاعترض علي وقال: (لاَ وَاللّهِ! لاَ أَمْحَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: أَرِنِي مَكَانَهَا فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ ابْنُ عَبْدِ اللّهِ)؛ وفي رواية أخرى: (فأخَذَ النَّبيُّ الكِتابَ، وليس يُحسِنُ أنْ يَكتُبَ، فكَتَبَ مكانَ رسولِ اللهِ: هذا ما قاضى عليه محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ).

1. أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتعلّم القراءة والكتابة

وبهذا قال أكثر أهل العلم؛ وقد دلّ على ذلك عدد من الأدلة الشرعية الثابتة؛ منها قوله -تعالى-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، [الأعراف: 158] وقوله -تعالى-: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ). [العنكبوت: 48]

أمّا ردّهم على أدلة الفريق الأول؛ فقالوا بأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعرف طريقة رسم اسمه لكثرة ما كان يتكرر أمامه، وأنّ كتابته لم تكن على نحوٍ واضحٍ صحيح؛ إنّما كان بطريقة بسيطة يُعرف منها اسمه. كما عللوا أنّ تعلّم الكتابة يكون بهدف البحث عن المعرفة والعلوم، وفي الوحي وما تعلّم منه النبي غنىً عن ذلك كلّه.