هل الرؤيا تتعرض للحسد؟

وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، حياكم الله أخي الكريم في موقع موضوع سؤال وجواب، وكم نحن سعيدون بتواصلك معنا.

وبخصوص ما ورد في سؤالك: فإنّ ما قالته أمُّك صحيح، فالرّؤيا الحسنة قد يُحسد صاحبها عليها، وهذا ما جاء في سورة يوسف على لسان يعقوب -عليه السلام-، قال -تعالى-: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ* قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ) "يوسف: 3-4".

وجاء في كتب التفسير: أنّ يعقوب -عليه السّلام- علم أنّ أخوة يوسف العشرة كانوا يغارون منه، وأنَّ الرّؤيا التي رآها تؤذن برفعته عليهم، فخشي إن قصَّها يوسف -عليه السّلام- عليهم أن تشتدّ بهم الغيرة إلى حدِّ الحسد، فيتعرّضون له بالإيذاء، وهذا ما حصل فعلًا.

لذلك إذا رأى المسلم رؤيا مبشّرة جاز له شرعاً كتمانها، وخاصّةً إذا خشي من الحسد والأذية بسبب البوح بها، وقد أرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى عدم التحديث بالرّؤيا الصّالحة إلّا لمن أحبَّ من الناس، فعن أبي قتادة -رضيَ الله عنه- عن النبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: (الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أحَدُكُمْ ما يُحِبُّ فلا يُحَدِّثْ به إلَّا مَن يُحِبُّ، وإذَا رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّهَا، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، ولْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، ولَا يُحَدِّثْ بهَا أحَدًا؛ فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ). رواه البخاري.

وكذا جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير، وصحّحه الألباني، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (استعينُوا على إنجاحِ حوائِجِكُمْ بالكتمانِ؛ فإنَّ كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ).

حفظك الله، ووفقك لما يحبه ويرضاه.