هل الحمام يعتبر خلاء؟

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكتب لك ولصاحبك الأجر على هذه اللّفتات الأخويّة. يُقصد بالخلاء لُغة: الفضاء الواسع من الأرض، وأمّا في الاصطلاح فقيل: المكان الذي لا أحد فيه، أو لا شيء فيه، وهذا المصطلح هو ما كان مستخدم للتعبير عن مكان قضاء الحاجة.

إذ كانت البيوت زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لا تحتوي على مكان لقضاء الحاجة، وإنّما كانوا يذهبون في الأرض الواسعة خارج البيت، فيستترون ويقضون حاجاتهم، وقد سُمي خلاءً؛ لأنّ المرء يخلو فيه بنفسه.

وهذا التعبير كان يترادف في العهد السابق مع مصطلح الكنف، ففي حديث عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- في صحيح مسلم، ورد هذا المصطلح في وصفها لحال النّساء عند قضاء الحاجة، فقالت: (وَلَا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وَذلكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا).

وفي رواية في البخاري: (وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ)، والغائط هو المكان المنخفض، الذي كان يستخدم للتّغوط، فيقول -سبحانه- في سورة النساء: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) "آية: 43".

فمكان قضاء الحاجة، أو بيت الغائط، أو الكنيف، أو بيت الخلاء، جميعها مفردات تطلق على ما يسمّى في يومنا هذا بالمرحاض، أو الحمام، حيث نقل هذا الخلاء الذي كان في الصحراء إلى داخل الأبنية، واختلف عُرف النّاس في ذلك باختلاف الزمان.

وما كان يجري عليها من أحكام شرعيّة تجري على ما اتّخذناه اليوم لذات الغرض، وإن اختلف التعبير المستخدم لذلك؛ كآداب الدخول والخروج منه، والنّهي عن ذكر الله -سبحانه- في مكان قضاء الحاجة، ونحوها.