ما معنى المكر الإلهي؟

حياك الله السائل الكريم، ووفقك الله -تعالى- لما يحبه ويرضاه، أما بعد؛ يقول الله -عز وجل- في محكم تنزيله: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرين‏)، "آل عمران: 54" والمكر في اللغة العربية يعني: صرف الغير عما يقصده خيراً كان أو شراً، وهذا المعنى ليس سيئاً دائما.

ومكر الله -سبحانه- هو: إحباط المكائد المضرة، فإذا نسب إلى المفسدين والكفرة كانت بمعنى الوقوف أمام المناهج الإصلاحية، وعليه يكون المراد من هذه الآية: أن أعداء النبي قد أعدو له وخطّطوا لأذيته، ولكن الله -تعالى- كان لهم بالمرصاد، وأحبط أعمالهم، وحفظ حياة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.

لذلك لا تختص كلمة المكر دائماً بالمعاني السيئة والضارة، فإذا نُسبت إلى الله -عز وجل- كانت بمعنى؛ إحباط المؤامرات الضارة من قبل الآخرين، وإذا نسبت إلى الكفرة والمفسدين كانت بمعنى؛ التخطيط والتآمر للوقوف أمام المناهج الإصلاحية.

وإذا رجعنا إلى معنى الكلمة في عصر الدعوة، والذي سبقها من العصور، وإلى علماء اللغة العربية، لوجدنا بأن هذه الكلمة تقبل معاني الخير أو الشر، ومن هنا نجد بأن الراغب الأصفهاني صاحب كتاب مفردات القرآن الكريم يقول في بيانه لمعنى كلمة المكر: "إنه صرف الغير عما يقصده خيرا أو شرا".

وإنما حصل التحريف لمعنى هذه الكلمة في عصرنا بسبب أننا ربطنا استعمالاتها بمعاني الشر، والتخطيط، والتآمر لإحداث الضرر بالغير، ومن الأمثلة على استعمال كلمة المكر بالمعنى السيئ هو كما جاء في قوله -تعالى-: (اسْتِكْبَارًا في الْأَرْضِ ومكر السيئ وَلا يحَيقُ الْمَكْرُ السيئ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تجَدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ولن تجَدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تحَوِيلا) "فاطر: 43" فهنا أتت كلمة المكر مقرونة بالمعنى السيئ.