ما قصة بركة الرسول على حليمة السعدية وزوجها؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله بك وبمعلمتك، وزادكم علماً ومعرفةً، فأنت مثال الطالبة المجتهدة الذي تطلب الزيادة فى العلم، ولم يكن همها معرفةً سطحيةً لتحصيل العلامة، فآفة المعرفة المتعلقة بالدين أن نتعرف عليها كمعلومات صماء دون التعايش معها والاستمتاع بتفاصليها.

نعم فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مبارك وكانت بركته تحلّ معه أينما يحل، وإنّه كما أشرتِ كانت مرضعته حليمة السعدية، ولم ترضعه أمه آمنة بنت وهب سوى بضعة أيام، وكان سادة مكة يحرصون على إرسال أبنائهم إلى البادية، بعيدًا عن أجواء المدينة التي يؤمها الناس من كل البقاء، في مكان محصور بين الجبال يصعب تجديد الهواء فيه.

فيرسلون أبناءهم للبادية، فتقوى أجسادهم الغضة باستنشاق هواء البادية النقي، ويتعلمون اللغة بعيدًا عن تداخل اللهجات بين أهل مكة وضيوفها، ويتعلمون أساليب العيش فى ظروف قاسية، لينمو الطفل وقد اعتاد مواجهة الصعاب.

جاءت السيدة حليمة السعدية برفقة زوجها إلى مكة المكرمة ومعها مرضعات أخريات لرضاعة أطفال مكة، وكانت حليمة تركب دابة عجفاء ومسنة، ولما وصلت مكة متأخرة كانت المرضعات قد اخترن أولادًا ذا نسب رفيع ومالٍ وفير، وأخذت كل واحدة منهن طفلاً، ولم يبقَ سوى محمدًا لم يأخذنه لأنه يتيم الأب، فأخذته حليمة حيث لا خيار آخر لها، ولم ترغب بالعودة دون طفل وإن كان يتيمًا.

ولما حملته متجهة لمضارب بني سعد، لاحظ من معها تغيّر سير الدابة بعد ركوب محمد لها، فظنوا أنها غيرتها، لأنها أصبحت قوية وسريعة، وكانت السيدة حليمة من شدة فقرها قد أصابها الجوع وخف لبنها، وكان ابنها عبد الله يبكي لأنه لا يشبع، ولما أرضعت محمدا درّ لبنها وزاد وشبع منه محمد وابنها وناما ليلتها.

كانت إبل السيدة حليمة كلها قد أصابها الجفاف فيما سبق، وفي ليلة وصول رسول الله درّ لبن الإبل، فاستغرب زوج حليمة من ذلك، فقام بحلبها وشرب هو وزوجته وارتويا، وكانت الديار كلها مقفرة سبب الجدب والقحط، ولا تجد المواشي ما تأكله فأصابها الجفاف أيضاً.

ولكن شياه حليمة سمنت وكثر عطاؤها وحليبها، حتى بات قومها يسألون أين ترعى أغنامها، ثم أصبحت ديار بني سعد كلها خضراء وعمّ فيها الخير في وقت كان من حولهم يشتكون من الجدب، وهذا كله حلّ ببركة نزول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهم.