ما صحة حديث إرسال جبريل لأخذ طين من الأرض؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أشكرك السائل الكريم على سؤالك الذي يظهر حرصك على التثبت من صحة الأحاديث.

إنّ الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك أخرجه الطبري -رحمه الله- في تفسيره، وأورده الإمام ابن كثير -رحمه الله- في كتاب البداية والنهاية، وفي تفسيره للقرآن الكريم من حديث ابنِ عباسٍ، وابنِ مسعودٍ، وغيرهم من أصحابِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-.

وجاء في نص الحديث: (فبعث اللهُ عزَّ وجلَّ جبريلَ في الأرضِ ليأتيَه بطينٍ منها، فقالت الأرضُ: أعوذُ بالله منك إن تنقُص مني أو تُشينُني فرجع ولم يأخذْ، وقال ربِّ إنها عاذت بك فأعذتُها…)، ثم يكمل -صلى الله عليه وسلم- فيقول: (وأخذ من تُربةٍ بيضاءَ وحمراءَ وسوداءَ فلذلك خرج بنو آدمَ مختلفين، فصعِد به فبلَّ التُّرابَ حتى عاد طينًا لازبًا….).

وهذا الحديث حكم عليه ابن كثير بأنه من مرويات أهل الكتاب، فقال عقب ذكر الحديث: "فيه إسرائيليات كثيرة فلعل بعضها مدرج"، وقد ورد لبعض ما فيه شواهد في أحاديث أخرى؛ منها ما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله خلق آدم من تراب، ثم جعله طيناً، ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنوناً خلقه الله وصوره). "ذكره البوصيري بإسنادٍ ضعيف"

فالحاصل أنَّ ما ورد في هذا الحديث من أن الله -تعالى- أرسل جبريل إلى الأرض ليقبض منها قبضة من الطين ليخلق منها آدم؛ هو من المرويات التي لم يأتِ في شرعنا ما يؤكدها ولا ما ينفيها، وعلى ذلك فنحن لا نصدقها ولا نكذبها.

وأما ورد من كون آدم خُلق من طين فهذا ثابتٌ في القرآن الكريم، وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة، قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ). "سورة المؤمنون: 12"