ما صحة حديث أصدق الرؤيا بالأسحار؟

وعليكم السلام ورحمة الله، الصحيح أن هذا الحديث ضعيف، وهو مرويٌّ من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (أصدق الرؤيا بالأسحار). رواه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه والدارمي وغيرهم، وقد حكم عليه بالضعف ابن عدي والألباني وشعيب الأرناؤوط، وحكم عليه بالصحَّة الحاكم ووافقه الذهبي.

وقد أخذ بمعناه بعض العلماء، حيث أشاروا إلى أنَّ أصدق الرؤى ما كانت بالأسحار لمعنين اثنين ^[١] :

1. الأول: لفضيلة الوقت؛ فهو وقت تنزل الرحمات وإجابة الدعوات.
2. الثاني: لأنَّ القلب يكون فيه أبعد عن الخواطر مع استغراقه في النوم.

ولكن رُوي في المقابل حديث بلفظ: (أصدق الرؤيا ما كان نهاراً، لأن الله عز وجل خصني بالوحي نهاراً)، رواه الحاكم، وهو حديثٌ ضعيفٌ أيضاً، لذلك قال بعض العلماء: إنَّ رؤيا اللَّيل كرؤيا النَّهار كلتاهما قد تَصْدُقان وقد تكذبان.

وقد صحَّ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه رأى في النهار ورأى في الليل، ورؤي الأنبياء حقٌّ كما هو معلومٌ، وروي عن ابن سيرين -رحمه الله- قوله: (رؤيا النهار مثل رؤيا الليل)، ذكره البخاري في صحيحه.

والذي ورد في الحديث الصحيح أنّ صدق الرؤيا تكون لصدق الرائي نفسه وصلاحه، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا اقترب الزمانُ لم تكدْ رؤيا المؤمنِ أن تكذبَ، وأصدقُهم رؤيا أصدقُهم حديثًا)، صحيح رواه أبو داود.

فهذا الحديث يشير إلى أنَّ صدق الرائي في حديثه وكلامه مع الناس يؤثّر في صدق رؤياه، فيجعلها أقرب للصدق فلا تكاد تكذب؛ لأنَّ الجزاء من جنس العمل، فكما صدق مع النَّاس في حديثه جعل الله رؤياه صادقة.