كثيرًا ما أرتكب ذنوبًا وأشعر فيها بالذنب فأعود عنها وأستغفر الله منها، لكنني أشعر وأنا أستغفر أن قلبي مقفل وأن هذا الاستغفار غير نابع منها، وهذا الأمر يزعجني، فكيف أجعل استغفاري نابعاً من القلب؟
1
كثيرًا ما أرتكب ذنوبًا وأشعر فيها بالذنب فأعود عنها وأستغفر الله منها، لكنني أشعر وأنا أستغفر أن قلبي مقفل وأن هذا الاستغفار غير نابع منها، وهذا الأمر يزعجني، فكيف أجعل استغفاري نابعاً من القلب؟
1
1
أهلاً وسهلاً أخي الكريم، رغَّب الله -تعالى- عباده المسيئين بالأوبة والرجوع له، وأن يستغفروه ويتوبوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، ووعدهم -سبحانه- بأن أبواب رحمته التي سبقت كل شيءٍ، مفتوحةٌ متى استغفروه استغفاراً وتوبةً صادقةً نابعةً من القلب، ويكون ذلك بمراعاة آداب وشروط الاستغفار، وسأذكرها لك فيما يأتي:
وذلك بالقيام ببعض الأمور التي تسبق الاستغفار، كالاستعداد النفسي والبدني، والابتعاد عن المشتتات والشواغل، وحضور القلب، والاتجاه نحو القبلة، والوضوء وصلاة ركعتين، واستثمار أوقات الإجابة؛ كالثلث الأخير من الليل، والثناء على الله -تعالى-.
لأنَّ الاستغفار دعاءٌ ورجاءٌ، ولا بد من مراعاة آدابه حتى في الاستغفار أيضاً، ولا يعني ذلك بأن هذه الأمور تجب أو تلزم عند الاستغفار، وإنما تزيد من اجتهاد العبد في استجابة استغفاره، وملاحظة أثره على نفسه وجلاء قلبه.
من ثمرات الاستعداد الجيد للاستغفار استحضار القلب ولينه وانكساره وندمه، فلا يكون الاستغفار مؤثراً من قلبٍ غافلٍ، ولعلَّ من أهمَّ ما يتطلبه الاستغفار هو حضور القلب عند الاستعداد له وأثناءه، وذلك بأن يتصل القلب بالله -تعالى- ويستشعر نظره إليه وإلى قلبه، وأن ينكسر قلبه بتذلُّلٍ وخضوعٍ، متقيناً برحمة الله -تعالى- وكماله، مستحضراً ضعفه وأخطاءه.
وفي ذلك يروي الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (القُلوبُ أوعيةٌ، وبَعضُها أوعَى من بَعضٍ، فإذا سألتُمُ اللَّهَ أيُّها النَّاسُ، فاسأَلوهُ وأنتُمْ موقِنونَ بالإجابَةِ، فإنَّه لا يَستجَيبُ لِعبدٍ دعاهُ عَن ظَهْرِ قَلبٍ غافلٍ). "أخرجه أحمد، صحيح"
حتى يكون الاستغفار والتوبة مقبولةً، فلا بد من مراعاة آدابها وشروطها، وهي أربعةٌ كما يأتي:
وأفضل صيغ الاستغفار المأثورة هي سيد الاستغفار، وهو دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ). "أخرجه البخاري"
ويصف النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا فضل سيد الاستغفار بقوله: (ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ). "أخرجه البخاري"
اجتهد في تحقيق هذه الأمور، وستجد أثر ذلك ولو بعد حينٍ في قلبك، هذا والله -تعالى- أعلم.
1
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.