كم عاما استمرت حرب البسوس؟

وعليكم السلام ورحمة الله، نفعكم الله وأدام علينا وعلى بلاد المسلمين نعمة الأمن والأمان، وقعت حرب البسوس قبل مجيء الإسلام، وكانت بين قبيلتي تغلُب، برئاسة الملك كليب بن ربيعة وقبيلة بكر برئاسة جساس بن مرة، وقد دارت هذه المعركة في الجزيرة العربية في منطقة الحجاز، وقد دامت هذه الحرب أربعون سنة كما ورد في كتب التاريخ، وقيل أنّها وقعت بين سنة 494 م إلى سنة 534 م في زمن الجاهلية.

وقد بدأت الحرب بأمرٍ غير بالغ الأهمية، فقد روى أنّ امرأة اسمها البسوس بنت منقذ خالة جساس بن مرة، كانت تزور ابن أختها وكان معها ناقة، تركتها ترعى حتى وصلت إلى بئرٍ تابعٍ لقبيلة تغلب فشربت منه، فلمّا علم الملك كليب بن ربيعة بذلك قتلها، فقد كان ظالماً محتكراً للماء، فغضبت البسوس وطلبت من جسّاس الانتقام من هذه القبيلة، واستعادة المكانة الرفيعة لقبيلة بكر بين القبائل العربية.

وحدث أنّ جساس تربَّص للملك كليب فقتله، فقامت حرب دامية بقيادة المُهلهل بن ربيعة؛ الملقب بالزير سالم، أخو الملك كليب، وقد عرف بشجاعته وقوته، فانتقم لأخيه وأخذ الثأر من قبيلة بكر، واشتعلت الحرب لمدّة أربعين سنة، وكانت نتيجة الحرب لصالح قبيلة تغلب وهزيمتها لقبيلة بكر منذ لحظة قتل الجساس بن مرة، وبهذا كانت المكانة والقوة لتغلب بين جميع القبائل العربية.

والذي تذكره كتب التاريخ أن قبيلتي تغلب وبكر كانت بينهم صلة قرابة ومصاهرة، ذهبت أدراج الرياح بسبب العناد والمكابرة، ومعاني الغرور والاعتداد بالنفس، وهذه كلها من الأخلاق التي جاء الإسلام لتهذيبها والقضاء على بعضها، فرابطة الأخوة في الإسلام كانت أقوى من رابطة أخوة الدم في الجاهلية؛ لأنها اعتمدت على رباط الدين والهدي النبوي.

صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (المسلمُ أخو المسلمِ لا يخونُهُ ولا يَكذِبُهُ، ولا يخذلُهُ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ: عِرضُهُ ومالُهُ ودمُهُ، التَّقوَى ههُنا، بِحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحتقِرَ أخاهُ المسلمَ). "أخرجه الترمذي، صحيح"